لماذا حل الرب بيننا
قداسة البابا شنودة الثالث
ونحن نحتفل بميلاد السيد المسيح من العذراء , لعلنا نتسأل فيما بيننا , ما هى الاسباب التى دعت رب المجد أن يتخ1 جسدا و يحل بيننا . ويصير فى الهيئة كإنسان , ويولد ن امرأه كبنى البشر ؟ لاشك ان الفداء هو السبب الأساسى للتجسد . جاء الرب الى االعالم ليخلص الخطاه . جاء ليفديهم , جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين . هذا هو السبب الرئيسى الذى لو اكتفى المسيح به و لم يعمل غيره . لكان كافيا لتبرير تجسده . وجاءالمسيح ليوفى العدل الالهى . وليصالح السماء و الارض . و يمكننا ان نقول ايضا-الى جوار عمل الفداء و المصالحة-ان السيد المسيح جاء لينوب عن البشرية . وكما ناب عنها فى الموت . ينوب عنها ايضا فى كل ما هو مطلوب ان تعمله . ان الانسان قصر فى كل علاقاته مع اللهفجاء » ابن الإنسان لينوب عن الانسان كله فى ارضاء الله »
وفى فترة تجسده امكن للرب ان يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغى عليه الإنسان فى صورة الله و مثاله , قدم القدوه العملية . حتى ان القديس اثناسيوس الرسولى قال انه لما فسدت الصوره التى خلق بها الإنسان نزل الله ليقدم لهم الصورة الأصلية . وايضا لما احطأ القاده فى تفسير الشريعه الإلهية كما أرادها الله نقيه من الأخطاء البشرية فى الفهم و التفسير ..
الفداء هو السبب الاساسى للتجسد : لقد اخطاء الإنسان الأول و كانت خطيته ضد الله نفسه : فهو قد عصى الله و خالف وصيته , و هو أيضا أراد أن يكبر و يصير مثل الله عارفاً الخير و الشر ( تك5:3 ) وفى غمرة هذا الإغراء نرى ان الإنسان لم يصدق الله الذى قال له عن شجرة الخير و الشر :« يوم تأكل منها موتاً تموت » ( تك17:2 (. وعلى العكس من
هذا صدق الخية التى قالت :« لن تموتا «. وبعد الاكل من الشجرة نرى أن الإنسان بدأ يفقد ايمانه فى وجود الله فى كل مكان و قدرته على رؤية كل مخفى , وظن أنه أن اختبأ , يستطيع أن يهرب من رؤية الله له . وفى محاسبة الله للإنسان بعد الخطية , نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمل الله جزءاً من مسؤلية خطيته فيقول له « المرأه التى جعلتها معى هى أعطتنى «) تك12:3 (. انها مجموعة اخطاء موجهة ضد الله : عصيان الله , ومنافسة الله فى معرفته , وعدم تصديق الله فى وعيده , وعدم الايمان بقدرة الله , وعدم التأدب فى الحديث مع الله . اخطاءالإنسان ضد الله , والله غير المحدود , لذلك صارت خطيته غير محدودة , والخطية غير المحدودة , عقوبتها غير محدودة . وان قدمت عنها كفارة , ينبغى أن تقدم كفارة غير محدودة . ولا يوجد غير محدود الا الله . لذلك كان ينبغى ان يقوم الله نفسه بعمل الكفارة . هذا هو ملخص المشكلة فى ايجاز . لقد اخطاء الإنسان و اجرة الخطية الموت ( رو23:6 (. فكان لابد ان يموت الإنسان , وبخاصة لان الله قد انذره بهذا الموت من قبل ان يتعدى الوصية , إذ قال له » وأما شجرة معرفة الخير و الشرفلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاُ تموت «. وهكذا استحق حكم الموت , وكان لابد أن يموت .
كان موت الإنسان الوفاء الوحيد لعدل الله . وأن لم يمت الإنسان , لا يكون الله عادلاً , ولا يكون الله صادقاً فى إنذاره السابق . هذة النظرية يشرحها اثناسيوس ارسولى باستفاضة فى كتابة « تجسد الكلمة «. وإذ يشرح لزوم موت الإنسان , يشرح من الناحية المضادة المشاكل التى تقف ضد موت الإنسان . فماذا كانت تلك
المشاكل ؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله , وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذى كان أكثر منه حيله و مكراً !!! وكان موت الإنسان ضد كرامة الله , إذ أنه خُلق على صورة الله و مثاله , فكيف تتمزق صورة الله هكذا ؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله , كأن الله قد خلق الخليقة و لم يقدر أن يحميها من شر الشيطان ! و هكذا يمكون الشيطان انتصر فى المعركة !!
وكان موت الإنسان ضد حكمة الله فى خلقة للبشر . وكما يقول القديس اثناسيوس الرسولى إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق , من أن يخُلق ليلقى هذا المصير !! واخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله . إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً !!
4