Tarek El Mahaba Tarik El Mahabba -February Issue | Page 3

نوعيات البشر فى سفر

يونان قداسة البابا تواضروس الثانى

3
الحقيقة هذا الصوم المحبوب في كنيستنا وأعتقد أن أكثر سفر مملوء تأملات وأكتر سفر يُقرأ من أسفار الكتاب المقدس . يونان قصة حقيقية ظهرت في القرن ال‎٨‎ قبل ميلاد المسيح بحوالي ٨٠٠ سنة وعاش قرابة ١٠٠ عام خدم فيهم ربنا حوالي ٧٣ سنة وكلمة يونان تعني حمامة وهو ابن أمتاي ، وأمتاي تعني حقيقي . يونان هو النبي الوحيد الذي جعل السفر يحكي قصته ويحكي روايته ولم يتح َّدث عن نبوات مُعي َّنة عن بني إسرائيل وإن كان في نفس الوقت النبي الوحيد في العهد القديم الذي استخدم السيد المسيح اسمه وشبه به كما كان يونان في بطن الحوت ٣ أيام و‎٣‎ ليال هكذا ابن الإنسان . أصحاح ١ و‎٢‎ يونان النبي يهرب من خدمته . أصحاح ٣ و‎٤‎ يونان يتمم خدمته باختصار شديد . لكن هذا السفر يكشف لنا أربعة شخصيات أو نوعيات من البشر : الأربع نوعيات مذكورين في سفر يونان بصيغة التشبيه :
. ١ النوعية الأولى : نوعية الكسل والاستهتار والهروب من المسئولية . أول نوع يقول نزل إلى جوف السفينة واضطجع ونام نوماً‏ ثقيلاً‏ هذه النوعية من البشر هي اصحاب الاستهتار ، الشخص المستهتر والشخص الكسول والشخص الذي يهرب من المسئولية كخادم أو مسئول في أي أعمال المجتمع يهرب من المسئولية . يونان النبي كل َّفه ربنا أن يذهب إلى نينوى وهذا تكليف إلهي لكنه اختار أن يذهب إلى ترشيش لكن يونان لم يهرب من الل َّه فقط ، يونان كشف
عن شخصيته في هذه اللحظة وهي الشخصية المستهترة والكسولة أمام التكليف الإلهي أمام المسؤلية . يونان يمُ‏ ث ِّل الإنسان الذي لم يهرب من الل َّه فقط بل من المسؤلية وايضا هرب من نفسه لذلك احترس لئلا تكون من هذه الطائفة من البشر طائفة الكسالى وطائفة الذين لا يحملون المسئولية أو يهربون منها .
. ٢ النوعية الثانية : نوعية أصحاب المخافة والحضرة الإلهية : عندما سألوه فقال لهم أنا عبراني وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر . ) فخاف الرجال خوفاً‏ عظيماً‏ ). وهذا النوع الثاني وهم طائفة من البشر في قلبهم مخافة الل َّه عندهم إحساس بالحضرة الإلهية فهو شخص أمين . هو في داخله مخافة إلهية تجعله ناظر للإله في كل لحظة ولذلك يسلك بالاستقامة يسلك بأمانة فوجود المخافة الإلهية في حياة الإنسان حائط يمنعه من ارتكاب أي شر فهل في قلبك خوف ربنا ؟ هؤلاء الرجال بحارة السفينة لم يكونوا في الإيمان ولكنهم اعطوا درساً‏ في هذه المخافة فخاف الرجال خوفاً‏ عظيماً‏ ، وفي آخر القصة يُقال : ” فخاف الرجال من الرب خوفاً‏ عظيماً‏ وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذوراً‏ “. فهذه طائفة من البشر تعتمد على المخافة في العمل والخدمة والمجتمع أيضاً‏ يحتاج أناس في قلبهم مخافة الل َّه .
. ٣ النوعية الثالثة : نوعية الشخصية الأنانية التي لا تحب الآخرين ولا تفرح لفرح الآخرين : ” فلما رأى الل َّه أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الل َّه على الشر الذي تكل َّم أن يصنعه بهم فلم يصنعه فغمّ‏ ذلك يونان غماّ‏ ً شديداً‏ فاغتاظ “. هذه الطائفة طائفة أصحاب الأنانية وعدم محبة الآخرين فهذه الطائفة في أنانيتها تغضب
لنجاة الآخرين فمثلاً‏ الأخ الكبير في مثل الابن الضال الأب فرحان والبيت كله فرحان والابن الصغير فرحان والناس سعيدة ” إن ابني هذا كان ميتاً‏ فعاش وكان ضالاً‏ فوُجِدَ‏ “ لكن الأخ الكبير يقف على الباب ولم يرد أن يدخل لأنه كان أناني في قلبه لم يفرح لنجاح الآخرين . في المقابل يوحنا المعمدان عندما نظر إلى المسيح فقال عنه الكتاب أو هو قال عن نفسه : ” ينبغي أن هذا يزيد وأني أنا أنقص “. والأنانية مرض أتى من كلمة أنا مرض نفسي وأصحاب هذا المرض لم يستطيعوا أن يعيشوا وسط مجتمع أو خدمة أو أسرة لأنه لا يرى غير نفسه وهذه الطائفة من البشر أنانيتهم تحرمهم من نعم كثيرة الل َّه يعطيها لهم وعلاج هذه الأنانية أن الإنسان يتعل َّم محبة الآخر ويتعل َّم محبة الل َّه التي تنسكب على الإنسان الصالح والإنسان الشرير والقريب والبعيد .
. ٤ النوعية الرابعة : نوعية أصحاب عقلية الطفل بمعنى السذاجة والنظرة الضيقة :
” فأعدّ‏ الرب الإله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلاٍّ‏ على رأسه لكي يُخلّصه من غمّه . ففرح يونان من أجل اليقطينة فرحاً‏ عظيماً‏ “، عجيب يونان أمام البلد التى سامحها الل َّه ” غم ذلك يونان غماً‏ شديداً‏ “ وأمام اليقطينة التي ظل َّلت عليه فترة قليلة من حر الصحراء فرح يونان فرحاً‏ عظيماً‏ وهذه النوعية من البشر هم السذج أو أصحاب النظرة الضيقة نظرته ضيقة لا ترى غير النبته التي ضل َّلت عليه لكن حياته كلها مركزها شخصه فقط . هذا الإنسان صاحب النظرة الضيقة والفكر الضيق فهو يمُ‏ ث ِّل السذاجة والنوع الأول هارب من المسؤلية واهتمامه بالأمور اهتمام سطحي ممكن ان نسميهم أصحاب الحياة الذين لا يدخلون إلى العُمق . ربنا يعطينا ألا نكون مستهترين وأن نتح َّمل المسؤلية وندخل إلى العمق ، ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد ، آمين .