Tarek El Mahaba Tarik El Mahabba -February Issue | Page 11

الاستعداد للتناول

11
أخطر عبارة في ذلك ، قالهاالقديس الأنبا رويس :
قال : » يليق بالذي يتناول جسد الرب ودمه في داخله ، أن يكون من الداخل في نقاوة أحشاء العذراء التي كان في داخلها جسد الرب ». ما أخطر هذه العبارة ؟!‏ ما أخطر هذه العبارة ؟!‏ من ذا الذي يستطيعها ؟!‏ لذلك سأكلمكم عن السهل المستطاع . يلزمنا إذا الاستعداد الروحي للتناول : وبمقدار استعدادنا للتناول ، تكون استفادتنا منه . فهو من الوسائط الروحية ، ولكن تختلف فائدته من شخص لآخر ، حسب استعداده له .. كثيرون يتناولون كثيرًا ، بل قد يتناولون كل يوم وفي كل قداس . وربما لا يستفيدون !! وربما من كثرة التناول بلا استعداد ، قد يتحول الأمر إلى مجرد عادة ، وتسقط هيبةالأسرار من قلوبهم ! وغير هؤلاء قليلون يستطيعون الاحتفاظ بهيبة السر ودوام الاستعداد له .. لذلك اختبر نفسك وانظر : هل المداومة على التناول في مواعيد متقاربة جدًا ، تساعدك على دوام الحرص أم لا ؟ الأمر يختلف من شخص لآخر .. هنا ونسأل ما هو الاستعداد للتناول ؟ أولاً‏ : الاستعداد بالاتضاعوبانسحاق القلب
من أجمل قطع القداس الإلهي في هذا الانسحاق ، صلاة سرية يتلوها الأب الكاهن ، قبل القداس وهو يفرشالمذبح ، تسمى ) صلاة الاستعداد ( يقول فيها : أيها الرب العارف قلب كل أحد ، القدوس المستريح في قديسيه ، الذي بلا خطية وحده ، القادر على مغفرة الخطايا .. أنت يا رب تعرف أنى غير مستحق ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك ، وليس لي وجه أن اقترب وافتح أمام مجدك الأقدس . ولكن من أجل كثرة رأفاتك ، اغفر لي أنا الخاطئ ، وامنحني أن أجد نعمة ورأفة في هذه الساعة ..».
فإن كان الأب الكاهن في القداس الإلهي بهذا الانسحاق ، فكم بالأكثر يكون باقي الشعب ؟!‏
‎٢‎‏-ويلزم للتناول : التوبة والنقاوة الداخلية
وهنا نرى الأب الكاهن نفسه يقوم بعدة أمور : * يلبس هو والشمامسة الملابس البيضاء ) التونيات ( الخاصة بالخدمة ، والتي ترمز إلى النقاوة الداخلية . مثلما يلبس المعتمد بعد عماده ملابس بيضاء ترمز إلى الحياة الطاهرة النقية التي نالها بالمعمودية ، إذ لبس بر المسيح ) غل ). ٢٧ : ٣ وكما يقول السيد الرب » من يغلب ، فذلك سيلبس ثيابًا بيضً‏ ا ..» ) رؤ ( ٥ : ٣ اشارة إلى الحياة المقدسة في الملكوت الأبدي .. وكما قيل عن ملائكة القيامة إنهم كانوا » بثياب بيض « ) يو )( ١٢ : ٢٠ مر ( ٥ : ١٦ ) مت ..( ٣ : ٢٨ وذلك يرمز إلى قداسةالملائكة وطهارتهم . وهكذا يكون خدام المذبح الذين يتقدمون للتناول .. ويكون في هذه الملابس البيضاء قدوة للشعب ومثالاً‏ ..
* وكما يلبس الكاهن ، يغسل أيضً‏ ا يديه قبل القداس ، ويقول » أنضح على بزوفاكفاطهر ، واغسلني فابيض أكثر من الثلج ».
ويقول أيضً‏ ا » اغسل يديّ‏ بالنقاوة ، وأطوف بمذبحك يا رب ..» إنه درس يقدمه الأب الكاهن للشعب قبل التناول أن تغتسل نفوسهم بالتوبة ، وتصير أبيض من الثلج ..
* إن التوبة لازمة جدًا للتناول . ولعلنا نلاحظ أنالسيد المسيح له المجد ، قبل أن يناول تلاميذه في يوم الخميس الكبير غسل أرجلهم أولاً‏ وقال لهم » أنتم الآن طاهرون ، ولكن ليس كلكم « ) يو
). ١٠ : ٣ وكان يعنى يهوذا مسلمه ، ولذلك لم يناوله من الجسد والدم . ولعل من أخطر العبارات التي تقال في هذا المجال في القداس الإلهي ، قبل التناول :
» القُدسات للقديسين « أي السرائر المقدسة هي للقديسين . من شروط الاستعداد للتناول أيضً‏ ا : المصالحة .
وهكذا قبل بدء قداس القديسين ، قبل أن يرفعالأبروسفارين ، procverin يصلى الكاهن صلاة الصلح ، التي يقول فيها » اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبل بعضا بعضً‏ ا بقبلة مقدسة ، لكي ننال بغير وقوع في دينونة من موهبتك غير المائتة السمائية ».. لاحظ هنا عبارة » لكي ننال بغير وقوع في دينونة ».. ) إذن الذي يتناول بغير مصالحة يقع في دينونة ). ثم ينادى الشماس قائلاً‏ » قبلوا بعضكم بعضً‏ ا ..» وهذه القبلة المقدسة تعنى كمال الحب بين الناس . وعبارة » مقدسة » تعنى أنها طاهرة وبغير رياء ، وليس مثل قبلة يهوذا ، التي تذكارًا لها يمتنع التقبيل في أسبوع الآلام .
ينبغي قبل التناول أن نكون في صلح مع الله والناس .
مع الله بالتوبة ، حسب قول الرسول «.. تصالحوا مع الله « ) ‎٢‎كو ).. ٢٠ : ٥ ومع الناس حسب قول الرب » فإن قدمت قربانك على المذبح ، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك ، فاترك قربانك قدام المذبح ، واذهب أولاً‏ تصالح مع أخيك ..» ) مت .( ٢٤ ، ٢٣ : ٥ وعبارة » شيئًا عليك « تعنى أنك في موقف المذنب . أما الذي يبغضك بغير سبب منك ، كما أبغض شاول داود ، وكما قال داود » أكثر من شعر رأسي ، الذين يبغضونني بلا سبب « ) مز ).. ٤ : ٦٩ فذلك طبعًا لست مطالبًا بأن تترك قربانك لمصالحته .. السيد المسيح نفسه كان يبغضونه بلا سبب ) يو ..( ٢٥ ، ٢٤ ، ١٨ : ١٥ أنت أيضً‏ ا لست مطالبًا بالذهاب لمصالحة من يضطهدونك ومن يحسدونك ويعادونك . ولكن هناك قاعدة :
إن كنت أنت المسيء ، اذهب وصالح من أسأت إليه وإن كنت المساء إليه ، فاحفظ قلبك من البغضة .