Tarek El Mahaba October Magazine | Page 12

ما الفرق بين شفاعة المسيح وشفاعة القديسين ؟
‎12‎
سؤال : يقول الكتاب : لنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار ‏..«‏ ( ‎1‎يو‎1:2‎ ‏(.‏ أليس هناك تناقض عندما نتشفع بالقديسي والسيدة العذراء وغيرهم ، ولنا شفيع واحد هو المسيح ( ‎1‎تي‎1:2‎ ‏(؟!‏ سؤال آخر : ما هي إثباتات شفاعة الأموات ف الأحياء ؟ وشفاعة الملائكة ؟ معنى كلمة الشفاعة :
« أراد الشيء وطلبه وألح فيه ‏«،‏ « يقدم التمسا بغرض قبوله ‏«،‏ « يتوسط » وقد ترجمت هذه الكلمة إلى « يلح » ف ( راعوث ، ‎16‎ : 1 إرميا ‏(،‏ ‎16‎ : 7 و » يلتمس » ف ( تك ، 8 : ‎23‎ أي ‏(،‏ ‎15‎ : ‎21‎ و » يتوسل » ف ( إرميا : ‎27‎
‏(،‏ ‎18‎ و » يتضرع » ( إرميا ‏(.‏ ‎11‎ : ‎15‎ . « يلتمس أو يتوسل » ( أع ، ‎24‎ : ‎25‎ رو ‎26‎ : 8 و‎27‎ و‎34‎ ، 2 : ‎11‎ ، عب ‏(،‏ ‎25‎ : 7 كم ترجمت إلى كلمة صلاة ف ( 1 تي ‏(،‏ 5 : 4 ابتهالات ف ( 1 تي ‏(.‏ 1 : 2 ويتضح ف العديد من هذه المواقع السابقة أن الشفاعة مقبولة بل مطلوبة من رجال الله الأنبياء والقديسي من أجل سكان الشعوب التي يعيشون بينهم ومن أجل شفاء آخرين أو التوسل من أجل عدم هلاكهم . كنيسة الأحياء ومن الضروري حينم نتحدث عن الكنيسة أن لا نتحدث عنها بصورة أحياء وأموات ، فمن الخطأ أن نعتقد أن الذين يعيشون الآن من أعضاء الكنيسة هم الأحياء بينم المنتقلي من الآباء والقديسي هم أموات حيث أن هذا مخالف لتعاليم السيد المسيح نفسه حينم يقول ‏:«‏ أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب ، ليس الله اله أموات بل اله أحياء » ( مت ‏(.‏ ‎32‎ : ‎22‎ « ليس هو اله أموات بل اله أحياء . فأنتم إذا تضلون كثيرًا » ( مرقس ‏(،‏ ‎27‎ : ‎12‎ « وليس هو اله أموات بل اله أحياء لأن الجميع عنده أحياء » ( لوقا ) ‎38‎ : ‎20‎ فمن الضروري أن نتحدث عن الكنيسة باعتبارها كنيسة واحدة ، جسد المسيح الحي ، بقسميها الكنيسة المنتصرة وتشمل المنتقلي الذين أكملوا جهادهم عل الأرض وهم الآن أحياء بأرواحهم ف الفردوس ، والكنيسة المجاهدة وتشملنا نحن الذين نجاهد من أجل أن نكمل سعينا بخوف ورعدة ‏..‏ الحقيقة أن هناك فارِقًا أساسيًا كبيرًا بي شفاعة المسيح وشفاعة القديسي : فشفاعة المسيح شفاعة كفارية ‏..‏ أي أن السيد المسيح يشفع ف مغفرة خطايانا باعتباره الكفارة التي نابَت عنا ف دَفع ثمن الخطية . وهكذا يقف وسيطًا بي الله والناس . بل هو الوسيط
الوحيد ؛ أي أنه أعطى الآب حقه ف العدل الإلهي ، وأعطى الناس المغفرة ، بأن مات عنهم ، كفّارة عن خطاياهم . وهذا هو المعنى الذي يقصده القديس يوحنا الرسول . فهو يقول : « إن أخطأ أحد ، فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار . وهو كفّارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم أيضً‏ ا » ( ‎1‎يو‎1:2‎ ،
‏(.‏ 2 هنا تبدو الشفاعة الكفارية واضحة . فهي شفاعة ف الإنسان الخاطئ « إن أخطأ أحد ‏«،‏ وهذا الخاطئ يحتاج إلى كفارة . ونفس المعنى هو الذي قاله بولس الرسول ، ونجده عندما نكمل الآية : « وسيط واحد بي الله والناس ، الإنسان يسوع المسيح ، الذي بذل نفسه فِدية لأجل الجميع » ( ‎1‎تي‎5:2‎ ‏(.‏ هذا النوع من الشفاعة لا نِقاش فيه مطلقًا . إنه خاص بالمسيح وحده ، أما شفاة القديسي ف البشر ، فلا علاقة لها بالكفارة ولا بالفداء . وهي شفاعة فينا عند السيد المسيح نفسه . شفاعة القديسي فينا هي مجرد صلاة من أجلنا ولذلك فهي شفاعة توسلية غير شفاعة المسيح الكفارية . والكتاب يوافق عليها ، إذ يقول : « صلوا بعضكم لأجل بعض » ( يع‎16:5‎ ‏(،‏ والقديسون أنفسهم كانوا يطلبون صلوات الناس عنهم . فالقديس بولس يقول لأهل تسالونيكي : « صلوا لأجلنا » ( ‎2‎تس‎1:3‎ ‏(.‏ ويطلب نفس الطلبة من العبرانيي ( عب‎18:13‎ ‏(،‏ وهنا كذلك ( أف‎18:6‎ ‏(...‏ إلخ . فإن كان القديسون يطلبون صلواتنا ، أفلا نطلب نحن صلواتهم ؟!‏ وإن كنا نطلب الصلاة لأجلنا من البشر الأحياء ، الذين لا يزالون ف فترة الجهاد « تحت الآلام مثلنا ‏«،‏ أفلا نطلبها من القديسي الذي أكملوا جهادهم ، وانتقلوا إلى الفردوس ، يحيون فيها مع المسيح ‏..؟!‏ وإن كنا نطلب صلوات البشر ، هل كثير أن نطلب صلوات الملائكة ؟!‏ شفاعة الروح القدس : فالروح القدس « المعزي الآخر » ( يو ‎16‎و : ‎14‎ ، ‎17‎
‎13‎ : ‎16‎ ، ‎26‎ : ‎15‎ و‎14‎ ) يشفع ف المؤمني كم نقرأ ف رسالة رومية ‏:«‏ وكذلك الروح أيضً‏ ا يعي ضعفاتنا ، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كم ينبغي ، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها . ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمم الروح ، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع ف القديسي » ( رومية : 8
‏(.‏ ‎27‎ ، ‎26‎ . هل يستجيب الله لشفاعة العذراء والقديسي ؟ يحتوي العهدين القديم والجديد عل العشرات من المواضع التي تتحدث عن قبول الله لشفاعة قديسيه وأنبيائه والسيدة العذراء وسوف نذكر هنا مثالاً‏ واحدًا ويمكن الرجوع إلى عشرات من هذه الأمثلة ف الكتاب المقدس .
- استجاب الله لشفاعة السيدة العذراء ف عرس قانا الجليل ( يو ‎8-1‎ : 2 ‏(.‏ أية شفاعة أعظم ، وأية استجابة أسع من هذه ، إن كانت السيدة العذراء قد توسلت من أجل أصحاب الحفل ف أمورهم المادية واستجاب لها الرب ، أليس بالأولى أن نطلب شفاعتها من أجلنا لكي تطلب من ابنها الحبيب من أجل حياتنا الروحية والجسدية . وكم سبق لا نستطيع أن ننكر شفاعة العذراء من أجلنا بدعوى إنها انتقلت الآن فمزالت العذراء عضو ف الكنيسة وجسد المسيح تشفع ف أبنائها المحتاجي إلى صلواتها وطلباتها وتوسلاتها من أجلهم أمام عرش النعمة . ولعل وجودها الدائم معنا من خلال ظهوراتها المتكررة ف كل مكان ف العالم - والتي لا يستطيع أحد إنكارها بعد أن رأيناها بعيوننا - والمعجزات الكثيرة التي تقوم بها هو خير دليل عل اهتممها بنا . ولكننا ينبغي أن نعلم أننا حينم نطلب شفاعة العذراء والملائكة وتوسلات وصلوات القديسي من أجلنا فإننا لا نقدم لهم الصلاة أو العبادة ، فالعبادة والصلاة لا تقدم إلا لله الواحد المثلث الأقانيم . وإنما نحن نطلب منهم كأحباء لنا ، مثلم يطلب الطفل الصغير من أمه أن تطلب من أبيه من أجله ، رغم أن الأب يحب الابن ويفرح بتلبية جميع طلباته إن كانت ف صالحه ‏..‏ أمثلة للشفاعة : .
* إن الله يطلب من الناس شفاعة الأبرار فيهم : - فقد قبلها من أبونا إبراهيم عندما أخطأ أبيملك الملك ( تك‎7-1:20‎ ‏(.‏
- واشترط شفاعة أيوب ف أصحابه ( أي‎7:42‎ ‏(.‏ 8 ،
- ولا ننسى قصة شفاعة إبراهيم ف سادوم عندما
« تفاوض » مع الله لئلا يهلك المدينة ‏..‏ - وكذلك توجد شفاعة موسى ف الشعب ( خر‎7:32‎‏-‏
‏(.‏ ‎14‎ - وقد تشفع داود النبي بعد موته ف سليمن ( ‎1‎مل‎12:11‎ ‏(،‏ ‎13‎ ، ويربعان ( ‎1‎مل‎31:11‎ ‏(..‏ ‎34‎ ، ‎32‎ ، تفاصيل أمثلة الشفاعة ف العهدين :