الحلقة الخامسة من : فكر المسيح ...
1- في سفر إشعياء يقول الوحي الإلهي : « هيجوا أيها الشعوب وانكسروا ، وأصغي يا جميع أقاصي الأرض . احتزموا وانكسروا ! احتزموا وانكسروا ! تشاوروا مشورة فتبطل ، تكلموا كلمة فلا تقوم لأن الله معنا » ( إش10،9:8 (. لذا مهما كانت الأمور التي حولك لا تخف . مهما كان الهيجان الذي حولك أو المشورات والمؤامرات التي ضدك ، لا تخف بل اعلن إيمانك أن أية مشورة من العدو سوف تنكسر لأن الله معك . ولكن الوحي لم يكتف فقط بالآيات السابقة ولكنه أكمل قائلاً « فإنه هكذا قال لي الرب بشدة اليد وأنذرني أن لا أسلك في طريق هذا الشعب » ( أية11 (. انظر كيف كان الرب يحذر إشعياء بشدة !! إن الرب لا يريدك أن تحيا كما يحيا الآخرين ولا تفكر كما يفكر الآخرين ، لذلك كان يحذره وينذره بقوة أن لا يسلك مثل المحيطين به . كيف ؟ « لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة ولا تخافوا خوفه ولا ترهبوا . قدسوا رب الجنود هو خوفكم وهو رهبتكم » ( أية13،12 (. يقول الوحي الإلهي أنت مختلف ويجب ألا تُسمي الأشياء كما يسميها الآخرين . لا تتكلم كما يتكلم الآخرين ولا تخف كما يخاف الآخرين . يجب أن تكون مختلفاً عنهم في تفكيرك وفي مشاعرك ، لأنك كمؤمن لك علاقة خاصة مع الرب والروح القدس سيضع في قلبك ما على قلب الله تجاه الأحداث المختلفة التي تمر بها . عزيزي القارئ ، دائماً في وسط أية أحداث تمر بها هناك مصدران يحاولان التأثير على تفكيرك ومشاعرك تجاه الأمور التي تحيا فيها .. إما من العالم وإبليس أو من الروح القدس .. والرب يريد أن يكون تفكيرك وذهنك بحسب ما يعلنه لك الروح القدس وليس بحسب حُكمك أنت على الأمور .. لا تحيا بما يريد إبليس أن يرسله لك من رسائل بها خوف وانزعاج لذهنك . وكمثال ، تذكر موقف التلاميذ وهم في القارب الممتلىء الذي كاد أن يغرق .. والبحر هائج .. والرب نائم في القارب ( مت24:8 (، فهناك رسائل تخويف يرسلها لهم العدو من خلال البحر الهائج ، وفي ذات
الوقت هناك رسائل سلام وأمان يرسلها لهم الروح القدس من خلال الرب النائم !! فإذا كنت في موقف التلاميذ ، تُرى هل كنت سترى البحر الهائج والقارب يكاد يغرق ، أم سترى الرب النائم في القارب ؟ بالفعل هناك رسائل من الواقع ومن العيان .. فلا تستقبلها ، بل استقبل ما في قلب الله لك لترى أعماله العجيبة في حياتك . اسمح للرب وحده أن يتكلم معك ، واسمح لرسائل السلام والطمأنينة الإلهية أن تملأ قلبك . ولا تترك ذهنك للعالم وما يرسله لك من صور وأفكار مخيفة ومزعجة لكي لا تفقد سلامك ، ولا تفقد الامتياز الذي لك كمؤمن في أن يفحص لك الروح القدس كل شيء حتى أعماق الله .
2- لن تؤذى : يخبرنا الوحي في الأناجيل أن اليهود أرادوا مرات كثيرة أن يقتلوا الرب يسوع ولكنه كان يجتاز في
وسطهم دون أن يؤذيه أحد . في واحدة من هذه المواقف قال لهم يسوع « أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح . فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد ، أفرأيت إبراهيم ؟ قال لهم يسوع : الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن ، فرفعوا حجارة ليرجموه ، أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا » ( يو8 59-56 : (. وقد تكرر ذات الموقف مرة أخرى في إنجيل لوقا عندما أراد اليهود أن يطرحوا الرب من أعلى الجبل ، « أما هو فجاز في وسطهم » ( لو30:4 (. فهل تثق أنك أنت أيضاً لن تؤذى ؟ أحبائي ، لم يستطع أحد أن يؤذي الرب يسوع رغم عداوتهم له . وحتى عندما ذهب للصليب ، لم يكن ذهابه إلى هناك بسبب قبض اليهود عليه أو وقوعه في يد هيرودس أو بيلاطس ، ولكنها كانت مشورة
الآب المحتومة وفي التوقيت الإلهي . ولهذا ففي الأصحاح التاسع عشر من إنجيل يوحنا عندما قال بيلاطس للرب يسوع : « ألست تعلم أن لي سلطان أن أصلبك وسلطاناً أن أطلقك ؟«، أجاب يسوع « لم يكن لك عليَّ سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق » ( يو19 (. 11،10 : وبهذا الإعلان واجه الرب يسوع بيلاطس ، وقد أعلنه للجميع ، بأن كان يذهب للصليب بإرادته وبمشيئة الآب . عزيزي أنت ايضاً في المسيح ولك نفس الامتياز عند الآب . لذا تمثل بالمسيح ( 1كو1:11 ) وثق أن كل أمور حياتك تحت سلطان الله وأن خطط العدو لن تنجح لأنك في يد الرب . اعلن إيمانك أنه ليس هناك شيء له سلطان على حياتك إلا سلطان الله ولن يقع بك أحد ليؤذيك ، لأن هذا هو أحد امتيازات البنوة التي لك في المسيح .
وقد اختبر بولس الرسول نفس هذه الحماية في حياته قائلاً ».. الرب وقف معي وقواني لكي تتم بي الكرازة .. فأنقذت من فم الأسد . وسينقذني الرب من كل عمل رديء ..« ( 2تي17:4،18 (. كما تعرض بولس أثناء خدمته لوحوش تحاربه ، وقال « إن كنت كإنسان قد حاربت وحوشاً في أفسس » ( 1كو32:15 (. وفي سفر الأعمال نجد مجموعة تتكون من أكثر من أربعين رجلاً صنعوا
تحالف ألا يأكلوا أو يشربوا حتى يقتلوا بولس ( 12:23 (، ولكن لم تنجح واحدة من هذه المؤامرات ضده ، بل كان الرب يحفظه دائماً . فقط عندما قال بولس الرسول « وقت انحلالي قد حضر .. أكملت السعي ..« ( 2تي6:4،7 (.. وكان قد أكمل دعوته .. ويعلم يقيناً أن هذا هو وقت الرب له ، هنا فقط كان يمكن أن تنتهي حياته ، وهنا فقط كان لأي ملك أو قيصر أن يقتله .. فهل تعلم أنك أنت أيضاً لك حماية من الله وأنه يعتني بك ؟ وأن الله لديه طرق لإنقاذك وأنك لن تؤذى ؟ لذا كن واثقاً طالما كنت تحيا في تبعية حقيقية وخضوع للرب ، أنه مهما كانت كراهية العدو وبغضته لك ، فإنك محفوظ في يد الرب ، وسيكمل عدد أيامك لأن لك وعد بالحماية وذلك بسبب عهد الله معك .
15