Tarek El Mahaba May Issue | Page 7

سيفين أو الأمير تادرس أو الست دميانة أو غيرهم ، كل هؤلاء السؤال يقول لماذا ربنا تركهم ؟ لماذا من الأول ربنا لم يساعدهم أو ينصرهم علي الأعداء ؟ الإجابة علي هذا السؤال أن ربنا يعطي الفرصة للامتحان أوقات الاستشهاد ، أوقات الامتحان هذه يظهر العنصر الطيب فرصته لثبات الإيمان .
الكتاب المقدس يقول جملة مهمة ، لا بُد أن يكون بينكم بدع ليكون المزكون ظاهرين ، الذين تزكوا أي تطهروا بارزين , آباء الكنيسة الكبار العظماء ما الذي صنع عظمة هؤلاء ؟ الآلام . لولا الآلام لما ظهرت عظمة هؤلاء الآباء الكبار ، لما ظهر صبرهم ، ولما ظهر عنصرهم القوي ، ولما ظهر ثباتهم ، ولما ظهر عنادهم في الحق ، وهذه أمثلة ونماذج وأدلة علي المحبة للة وعلي الصمود والصبر وقوة الثبات وقوة الإرادة وقوة الإخلاص وعدم التزعزع وعدم التردد . كل هذه الصفات كيف تبرز ، كيف تظهر ، كيف يتمرن الإنسان عليها ؟ إلا إذا كانت هناك ظروف الآلام واضطهاد . فنحن كثيرا جدا نسمع من شعبنا هذا السؤال لماذا ؟ لماذا يتركنا الله ؟ لماذا لا يمد يده وينقذنا ؟ الله يصبر ويري ويرقب من السماء ويعرف من الثابت , من الذي يتزعزع ؟ من الذي يصمد ؟ من الذي تخونه قواه ؟ من الذي يستمر ومن الذي يرجع ؟ وهذه العملية تطهر الكنيسة من العناصر الضعيفة . وهي مؤلمة لأن سقوط الأوراق من الشجرة خسارة ثم أنه يلوث الأرض ، ولكن هذه العملية مفيدة للشجرة ، تطهر الشجرة من الأوراق الصفراء الضعيفة . الكنيسة من وقت إلي آخر في حاجة إلي هذه الهزة لتطهيرها ، لتطهيرها من العناصر الضعيفة ، الله لكي يحفظ للكنيسة استمرارها وبقائها يعطي الفرصة لأن تتخلص الكنيسة من العناصر الضعيفة المعطلة ، لكي تتنقى الشجرة وتصير سليمة وتحمل رسالتها إلي الأجيال الآتية ، فالاضطهادات مفيدة ، وفترات الاستشهاد مفيدة ، من جهة لبيان الثبات والصمود ، وبيان محبة الإنسان لله إن كان حقا يحبه من قلبه ، هناك كثيرون يتبعوا الدين لأن تبعيتهم للدين تنفعهم ، تنفعهم للدني ، ويوجد آخرون يربحوا ، علي الأقل غير النفع المادي الذي عند بعض الناس في بعض المجالات ، يكون هناك نفع أدبي ، إن هذا الإنسان ينال كرامة أو ينال مدحا أو يمدح من
الآخرين ، فلان هذا رجل متدين أو إنسان متدين ، هذه البنت متدينة ، هذه تكسبهم شهرة وممكن يترتب عليها نوع آخر من الكسب من أي نوع ، فنحن علي حساب المسيح نكسب ، علي حساب الدين نكسب ، هذه العناصر التي تستفيد من الدين عندما تأتي ساعة الشدة تسقط وتتخلي عن الدين وتتنكر للدين ، فإذا هزت الشجرة وسقطت هذه الأوراق الضعيفة ، فهذا خير للشجرة لكي تتخلص من هذه الأوراق الضعيفة حتى تبقي الشجرة وحتى تكون هناك فرصة للبراعم الجديدة .
نظرة القديسين إلى الاستشهاد
إننا حين نكرم القديسين لا نكرمهم في ذواتهم ، ولكننا نكرم الفضيلة فيهم ، إننا نكرمهم لا من أجلهم ولكن من أجل اسم المسيح الذي بذلوا حياتهم من أجله ، فإن كان مارمينا وإن كان غيره من القديسين المبرزين فليسوا في ذواتهم شيء إلا أنهم خدام لسيد السادات . إنهم لا يصنعون شيء لأجل نفوسهم وإنما عاشوا حياة فيه ضنك كثير وفيه تعب وإرهاق ، دخلوا من الباب الضيق واحتملوا آلام كثيرة واضطهادات متنوعة وتركوا الطريق السهل ، طريق الكرامة والمجد ، أخلوا أنفسهم من بهاء الحياة ومن زخرفه ، طرحوا جانب كرامة العالم والألقاب والمناصب وقنعوا بالمسيح وحده ، فكان نصيبهم نصيب المسيح علي الأرض . « إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم ‏«،‏ اضطهدوا المسيح وعاش في الأرض مضطهدا ، ظلم وحكم عليه ظلم وهكذا كل الذين يختارون طريق المسيح يضعون في قلوبهم أنهم لا يتوقعون مجدا من العالم ، حتى المناصب يتركونها ويطرحونها أرضا ، وكل الإغراءات وكل المزايا التي تعرض عليهم لكي ينكروا اسم المسيح يحتقرونها ويضعونها جانبا ، بل يدوسونها بأقدامهم من أجل اسم سيدهم . اسمعوا بولس الرسول يقول تبكون وتكسرون قلبي إني مستعد ليس فقط أن أربط من أجل المسيح ولكن أن أموت من أجله ، إن نفسي ليست ثمينة عندي ، حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي قبلتها من الرب يسوع نفسي ليست ثمينة عندي ، هؤلاء هم الذين وضعوا رؤوسهم علي كف أيديهم ، من أجل الحق الذي خدموه ولول أنهم يؤمنون بالله
ويؤمنون بالحياة الأخرى ، لما كانت تكون عندهم الشجاعة التي يقومون بها علي احتقار أباطيل العالم . وعلي طرح المزايا والمناصب المعروضة عليهم ، وعلي احتمال الآلام والاضطهادات والضيقات التي يتوعدونهم بها . إن عيونهم كانت شاخصة وقلوبهم متطلعة إلي الله الذي يرونه بقلوبهم ويحسبونه في حياتهم وفي حياة العالم ، وكما قال الرسول بولس إني عالم بمن آمنت ، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلي ذلك اليوم . عالم بمن آمنت ، سمح لنفسه بان يعترف بهذا الأمر ، بأنه عالم ، ليس هذا غرور بالعلم ، وإنما نتيجة خبرته ونتيجة علاقته الوطيدة الوثيقة بيسوع المسيح ، وإيمانه اليقيني بالله يسوع المسيح وبقدرته و بلاهوته وبجلاله ومجده وأنه سيد الكون وحافظه ، ليس إيمانه ضعيف ولا رخيص ولا عن جهل ولا عن غباوة ، أن عالم بمن آمنت وموقن ، موقن وهذه أعلي درجات المعرفة أن يصل الإنسان إلي الإيقان ، إلي الثقة التي ليست بعدها ثقة ، أن موقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلي ذلك اليوم .
سبب الاستشهاد في المسيحية
إذن الذين وضعوا نفوسهم من أجل اسم المسيح ، الذين استشهدوا في زمن الضيقة لم يستشهدوا يأسا من الحياة ، لم يستشهدوا تحت ضرورة وإنما استشهدوا لأنهم يعلمون علم اليقين من يستشهدون من أجله ، وأنه يستحق أن يستشهد الإنسان من أجله ، استشهدوا لا عن يأس ولا عن ضيق ولا عن محبة في الموت ويأس من الحياة حاشا ، لأن الذي عرف الله يحب الحياة ، ولا يكرهه ، لأن المسيح كم قال في الإنجيل : أن أتيت لتكون لكم حياة ولكي يكون لكم أفضل ، أنا أتيت لكي تكون لكم حياة ولكي تكون لكم هذه الحياة أفضل ، الذين عرفوا الله يعيشون في الدنيا في سعادة روحية ، وفي سلام مع أنفسهم ومع الآخرين ، ولا يتمنون الموت يأس من الحياة ومن ضيقه ، إنما إذ تمنوا الموت فإنما طمعا لحياة أفضل ، لكن المؤمنون لا يضيقون بالحياة الدنيا ، ولا يشعرون أبدا بأن هذه الحياة لا تستحق أن يحيا الإنسان من أجله ، إن الذي يحب الله لابد أن يحب الكون ويحب الحياة أيضا ، ولكنه من أجل المسيح يستغني عن هذه الحياة في سبيل
7