Tarek El Mahaba May Issue | Page 11

العرس السمائي ‏..‏ وبسبب كل هذه الأحاسيس والمفاهيم المقدسة كانت معنويات المعترفين والشهداء عالية جدًا في السجون .
كان غرض الأباطرة والملوك والحكام والوثنيين من سجن المعترفين المسيحيين ، هو تحطيم شجاعتهم وإضعاف روحهم المعنوية . لكن على العكس ، كان حبس المعترفين وتعذيبهم سببًا في إعلاء شجاعتهم .
إنه أمر خارج حدود المنطق ، وفائق لطبيعة البشر المألوفة ، ان الأحزان تنشئ أفراحًا ، والضيقات تولد تعزيات ‏...‏ لكنها المسيحية بمفاعيل النعمة الإلهية – بعمل الروح القدس في المؤمنين هي التي تفعل ذلك ‏...‏ فبعض شهداء قرطاجنة ‏-بعد أن وصفوا أهوال السجن-‏ قالوا : [ إننا لم نخشى ظلام المكان . فلقد أضاء السجن الموحش ضياء روحاني . ولقد كان الإيمان والمحبة كالنهار يفيضان علينا ضوءًا أبيضً‏ ا ‏[...‏ أما أسباب ذلك فكانت :
) 1 المعونة الإلهية التي وعد الله بها جميع الذين يضطهدون من أجل اسمه . ( أنجيل لوقا
‏(.‏ ‎19-12‎ : ‎21‎
) 2 التطلع بإيمان إلى المجد العظيم الذي ينتظرهم ، وأن المسيح له المجد سيمسح كل دمعة من عيونهم ( سفر رؤيا يوحنا ‏(.‏ 4 : ‎21‎
) 3 تعاطف الكنيسة ‏-بكل أعضاءها كجسد واحد-‏ معهم ، سواء بالصلوات التي ترفع لأجلهم أو العناية بالاهتمامات المادية واحتياجات أسرهم .
) 4 الرؤى المجيدة التي كانت تعلن لهم ، وأن
لها أعظم الأثر في تشجيعهم . وأصبح السجن في نظرهم بابًا للسماء ‏!!.‏
هكذا كان المعترفون في السجون تفيض نفوسهم سلامًا ‏...‏ كانوا يتعجلون موعد محاكمتهم – لا احتمالاً‏ للإفراج عنهم ، بل لأنهم بوقفتهم أمام الحكام ، يشعرون أنهم يشاركون الرب يسوع في وقفة محاكمته أمام بيلاطس البنطي ‏..‏
وتتجلى هذه الروح المعنوية العالية ، والشجاعة المسيحية في الحوار الذي جرى بينهم وبين قضاتهم ‏...‏
لم يكن للمتهمين الذين يتمسكون بالإيمان المسيحي سوى رد واحد يجيبون به ، ظل يُسمع قرابة ثلاثة قرون في ساحات القضاء بأنحاء الإمبراطورية ‏...‏
أما هذا الرد فهو [ أنا مسيحي Christian
] us Sum أما صيحة الشعب الهائج التي كانت تعقب هذا الاعتراف فهو [ الموت للمسيحي ‏[..‏ كان المتهم لا يجيب عن وضعه الاجتماعي في العالم ، لأن الأمور الأرضية كانت تافهة القيمة في نظره . حتى لو أراد القاضي أن يعرف ما إذا كان عبدًا أو حرًا ، وهو موضوع كان على جانب كبير من الأهمية في تلك الأزمنة ، فإنه ما كان يهتم بالإجابة ‏...‏ لأن كل فكره كان مركزًا في الاهتمام بالانطلاق من هذا العالم الحاضر ليفرح بالإكليل المعد له من قبل الرب والميراث الأبدي . لينضم إلى كل الذين سبقوه من الشهداء والقديسين ليحيا معهم حياة التسبيح الدائم في الفردوس .
إن الشهداء قبلوا الآلام ، لا للآلام في حد ذاتها ولكن لأنها علامة الشركة الحقيقية التي تربطهم بالسيد المسيح له المجد الذي قبل الآلام لأجلنا ليهبنا الحياة الأبدية .
إن سحابة الشهداء مازالت مضيئة في الكنيسة إلى يومنا هذا ، وهم يتشفعون أمام المسيح لأجل إخوتهم إلى أن يكمل العبيد رفقائهم .
‎11‎
فبداية الإنسان يوم خُلق كانت في السماء ، وسوف تكون فيها نهايته حينما يعود إليها ‏...‏ ومن هنا أحس الإنسان بغربته في العالم . هذا العالم الفاني الذي سوف يمضى وشهوته معه .
وجعل كل أشواقه أن يعود إلى وطنه الأول السماء ‏..‏ وأكدت أسفار العهد الجديد هذه الحقيقة ‏...‏
فيذكر معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين قائلاً‏ : « في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض ‏.«‏ ( عبرانيين ‏(.‏ ‎23‎ : ‎11‎
ويكتب إلى أهل كورنثوس ‏...‏ « فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب ‏...‏ فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب ‏.«‏ ( ‎2‎كو‎5‎ ‏(.‏ ‎6،8‎ :
St-Takla . org
Divider [ 3 ] وعلمت المسيحية أن الإنسان المؤمن يجب أن تكون أشواقه نحو السماء
ويكتب معلمنا بولس إلى أهل كولوسي مشجعًا إياهم بقوله : « من أجل الرجاء الموضوع لكم في السموات » ( كو‎1‎ ‏(...‏ 5 :
وفى هذا المعنى يكتب بولس الرسول قائلاً‏ : « فإن سيرتنا في السموات التي منها أيضً‏ ا ننتظر مخلصً‏ ا هو الرب يسوع المسيح » ( فى‎3‎ ‏(.‏ ‎20‎ :
ويقول لأهل كولوسي : « اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله . اهتموا بما فوق لا بما على الأرض » ( كولوسى ‏(..‏ ‎1،2‎ : 3
وانطلاقًا من هذا المفهوم أن الإنسان مخلوق سمائي ، وأن أباه في السماء ، فإنه في صلواته يناجى الله في السماء ، ويقدم صدقاته عالمًا أنه يكنز في السماء ( مت‎19‎ ‏(.‏ ‎20‎ ، ويتشفع بالملائكة ، و القديسين الذين انطلقوا إلى السماء ‏..‏
بل وأكثر من هذا أن نفسه سوف تزف إلى