العرس السمائي .. وبسبب كل هذه الأحاسيس والمفاهيم المقدسة كانت معنويات المعترفين والشهداء عالية جدًا في السجون .
كان غرض الأباطرة والملوك والحكام والوثنيين من سجن المعترفين المسيحيين ، هو تحطيم شجاعتهم وإضعاف روحهم المعنوية . لكن على العكس ، كان حبس المعترفين وتعذيبهم سببًا في إعلاء شجاعتهم .
إنه أمر خارج حدود المنطق ، وفائق لطبيعة البشر المألوفة ، ان الأحزان تنشئ أفراحًا ، والضيقات تولد تعزيات ... لكنها المسيحية بمفاعيل النعمة الإلهية – بعمل الروح القدس في المؤمنين هي التي تفعل ذلك ... فبعض شهداء قرطاجنة -بعد أن وصفوا أهوال السجن- قالوا : [ إننا لم نخشى ظلام المكان . فلقد أضاء السجن الموحش ضياء روحاني . ولقد كان الإيمان والمحبة كالنهار يفيضان علينا ضوءًا أبيضً ا [... أما أسباب ذلك فكانت :
) 1 المعونة الإلهية التي وعد الله بها جميع الذين يضطهدون من أجل اسمه . ( أنجيل لوقا
(. 19-12 : 21
) 2 التطلع بإيمان إلى المجد العظيم الذي ينتظرهم ، وأن المسيح له المجد سيمسح كل دمعة من عيونهم ( سفر رؤيا يوحنا (. 4 : 21
) 3 تعاطف الكنيسة -بكل أعضاءها كجسد واحد- معهم ، سواء بالصلوات التي ترفع لأجلهم أو العناية بالاهتمامات المادية واحتياجات أسرهم .
) 4 الرؤى المجيدة التي كانت تعلن لهم ، وأن
لها أعظم الأثر في تشجيعهم . وأصبح السجن في نظرهم بابًا للسماء !!.
هكذا كان المعترفون في السجون تفيض نفوسهم سلامًا ... كانوا يتعجلون موعد محاكمتهم – لا احتمالاً للإفراج عنهم ، بل لأنهم بوقفتهم أمام الحكام ، يشعرون أنهم يشاركون الرب يسوع في وقفة محاكمته أمام بيلاطس البنطي ..
وتتجلى هذه الروح المعنوية العالية ، والشجاعة المسيحية في الحوار الذي جرى بينهم وبين قضاتهم ...
لم يكن للمتهمين الذين يتمسكون بالإيمان المسيحي سوى رد واحد يجيبون به ، ظل يُسمع قرابة ثلاثة قرون في ساحات القضاء بأنحاء الإمبراطورية ...
أما هذا الرد فهو [ أنا مسيحي Christian
] us Sum أما صيحة الشعب الهائج التي كانت تعقب هذا الاعتراف فهو [ الموت للمسيحي [.. كان المتهم لا يجيب عن وضعه الاجتماعي في العالم ، لأن الأمور الأرضية كانت تافهة القيمة في نظره . حتى لو أراد القاضي أن يعرف ما إذا كان عبدًا أو حرًا ، وهو موضوع كان على جانب كبير من الأهمية في تلك الأزمنة ، فإنه ما كان يهتم بالإجابة ... لأن كل فكره كان مركزًا في الاهتمام بالانطلاق من هذا العالم الحاضر ليفرح بالإكليل المعد له من قبل الرب والميراث الأبدي . لينضم إلى كل الذين سبقوه من الشهداء والقديسين ليحيا معهم حياة التسبيح الدائم في الفردوس .
إن الشهداء قبلوا الآلام ، لا للآلام في حد ذاتها ولكن لأنها علامة الشركة الحقيقية التي تربطهم بالسيد المسيح له المجد الذي قبل الآلام لأجلنا ليهبنا الحياة الأبدية .
إن سحابة الشهداء مازالت مضيئة في الكنيسة إلى يومنا هذا ، وهم يتشفعون أمام المسيح لأجل إخوتهم إلى أن يكمل العبيد رفقائهم .
11
فبداية الإنسان يوم خُلق كانت في السماء ، وسوف تكون فيها نهايته حينما يعود إليها ... ومن هنا أحس الإنسان بغربته في العالم . هذا العالم الفاني الذي سوف يمضى وشهوته معه .
وجعل كل أشواقه أن يعود إلى وطنه الأول السماء .. وأكدت أسفار العهد الجديد هذه الحقيقة ...
فيذكر معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين قائلاً : « في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض .« ( عبرانيين (. 23 : 11
ويكتب إلى أهل كورنثوس ... « فإذا نحن واثقون كل حين وعالمون أننا ونحن مستوطنون في الجسد فنحن متغربون عن الرب ... فنثق ونسر بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب .« ( 2كو5 (. 6،8 :
St-Takla . org
Divider [ 3 ] وعلمت المسيحية أن الإنسان المؤمن يجب أن تكون أشواقه نحو السماء
ويكتب معلمنا بولس إلى أهل كولوسي مشجعًا إياهم بقوله : « من أجل الرجاء الموضوع لكم في السموات » ( كو1 (... 5 :
وفى هذا المعنى يكتب بولس الرسول قائلاً : « فإن سيرتنا في السموات التي منها أيضً ا ننتظر مخلصً ا هو الرب يسوع المسيح » ( فى3 (. 20 :
ويقول لأهل كولوسي : « اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله . اهتموا بما فوق لا بما على الأرض » ( كولوسى (.. 1،2 : 3
وانطلاقًا من هذا المفهوم أن الإنسان مخلوق سمائي ، وأن أباه في السماء ، فإنه في صلواته يناجى الله في السماء ، ويقدم صدقاته عالمًا أنه يكنز في السماء ( مت19 (. 20 ، ويتشفع بالملائكة ، و القديسين الذين انطلقوا إلى السماء ..
بل وأكثر من هذا أن نفسه سوف تزف إلى