Tarek El Mahaba March Issue | Page 16

قصة قصيرة : هدية أم إهانة

قصة قصيرة : هدية أم إهانة

القمص تادرس يعقوب ملطي

- عفوًا ، فإنها هدية بسيطة جدًا . - لقد وصلتني هديتك . هل أرسلتيها بالأمس ؟
- لماذا تسألين ؟...‏ لقد أرسلتها بالأمس ‏...‏ أراكِ‏ مندهشة !
- نعم ، فقد وصلتني زهورًا ذابلة تمامًا ! - أنا أعلم أنها ذابلة . فقد أُعجبت بها حين كنت أتمشي في الحديقة منذ حوالي أسبوع ، فقطفتها لنفسي ، ووضعتها على مائدة الأكل . كانت زهور جميلة ورائحتها زكيه . وإذ ذبلت فكرت أن ألقيها في سلة المهملات ، لكنني فكرت فيكِ‏ ، وقلت في داخلي : « أرسلها إلى لوسي صديقتي المحبوبة بدلاً‏ من إلقائها في سلة المهملات ؟
- هل تحسبينني صديقة محبوبة حين تهديني زهورًا ذابلة لا يليق إلا بإلقائها في سلة المهملات ؟ أم تظنين إنني فقيرة للغاية فتهينيني بإرسال هذه الزهور ؟
- لا تغضبي يا صديقتي فإني أحبك وأفكر فيك . - هل هذا حب أم إهانة ؟
- أتظنين في هذا إهانة ؟ - نعم ‏...‏ إنني لن أحضر بعد هذا الاجتماع ، ولن التقي بعد معكِ‏ .
ابتسمت مرثا وربتت بيدها على كتفيْ‏ لوسي ، وقالت لها :
- لا تتضايقي يا لوسي ‏...‏ - كيف لا أتضايق ؟ هل تحسبينني بلا مشاعر ؟ أو بلا كرامة ؟
- إني أحبك ، وأعلم أنكِ‏ مرهفة المشاعر جدًا ورقيقة للغاية ‏...‏ لكنني أردت أن أكشف لكِ‏ عن أمرٍ‏ خطيرٍ‏ يس حياتك .
- ماذا تقصدين ؟ - إن كنتِ‏ قد حسبتي هدِ‏ يتي هذه إهانة ، فأنتِ‏
إذن تهينين اللَّه كل يوم . - كيف ؟ - تقضين أفضل أوقاتك في الدراسة ومع الأصدقاء وفي
‎16‎
دخلت سميرة بيت صديقتها لوسي وهى تقول لها : - هل تاسوني مرثا ، خادمة اجتماع الشابات عندك ؟
- لا ، لماذا تسألين ؟ - عربتها المرسيدس تقف عند الباب . - ربما تشتري شيئًا ؟
- هل تشتري هذه المليونيرة من محلات فقيرة مثلنا ؟
بينما كانت الشابتان تتحدثان إذا بقرعٍ‏ على الباب . وإذ فتحت لوسي الباب وجدت سائق ( شوفير ) مرثا يقف على الباب ويقدم لها علبة جميلة ، وهو يقول لها : « السيدة مرثا أرسلت لكِ‏ هذه العلبة وهي تسأل عنك ‏«.‏ شكرته لوسي وطلبت منه أن يدخل ، فاستأذن قائلاً‏ بأن السيدة مرثا تنتظره ، لأنه سيقوم بتوصيلها إلى مكانٍ‏ معينٍ‏ .
طلبت لوسي منه أن يشكر السيدة مرثا ، وقالت له : « قل لها إنني سأذهب اجتماع الشابات غدًا وأشكرها بنفسي ‏«.‏
نادت لوسي والدتها وأخوتها وهي متهللة جدًا . قالت : « انظروا ، مرثا تهتم بي ، أرسلت لي هدية ‏!«‏ سألت الأم : « وما هي مناسبة الهدية ؟«‏ أجابت : « اهتمامها الشديد بي ، إنها مملوءة حبًا ‏«.‏ سرعان ما فتحت العلبة ، وقد ظهرت عليها علامات التعجب . لقد وجدت زهورًا ذابلة تمامًا ، كادت أن تتساقط ، وقد جفت الأوراق ‏...‏
« ما هذا ؟«،‏ قالت سميرة وهي في غضبٍ‏ شديدٍ‏ . قالت الأم : « لا تتضايقي يا لوسي . لعلها أخطأت في وضع الهدية ، فوضعت هذه الزهور الذابلة عوض الهدية ‏«.‏
وعلقت سميرة : « أنا أعرف مرثا سيدة محبة وسخية ، رقيقة المشاعر جدًا . لعلها أعطت هذه الهدية للسائق منذ أسبوع ، وهو أهمل وتكاسل فقدمها اليوم ‏!«‏
قالت الأم : « على كلٍ‏ غدًا اجتماع الشابات ، اذهبي واشكريها ، واسأليها متى أرسلت هذه الهدية ‏«.‏
في اليوم التالي ذهبت لوسي الاجتماع وإذ التقت بمرثا دار بينهما الحديث التالي .
- أشكرك على اهتمامك بي وإرسالك الهدية .
راحة الجسد ومشاهدة المسلسلات التليفزيونية والإنترنت ، وأخيرًا قبل أن تنامي وأنتِ‏ مرهقة جدًا تقدمين من فضلات وقتك دقائق للصلاة وقراءة الكتاب المقدس ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع .
إنك تهينين اللَّه ، كأنه لا يستحق إلاّ‏ الفضلات من وقتك واهتماماتك . هذه هي هديتك للَّه الذي يحبك ويعتز بك كابنة له ، ويطلب نفسك كعروسٍ‏ سماوية . - ماذا أفعل الآن ؟ - اذكري أن الآب قدَّم لكِ‏ ابنه البكر فدية عنكِ‏ ، فهل تبخلين عليه ببكور وقتك واهتماماتك . والكلمة الإلهي نفسه « أخلى نفسه آخذًا صورة عبدٍ‏ ، صائرًا في شبه الناس ، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه ، وأطاع حتى الموت موت الصليب » ( في‎7:2‎ ‏(.‏
* قدَّمت لي يا سيدي ذاتك هدية ، فماذا أُقدم لك ؟ تسألني أن أقتنيك لكي تقتنيني . لكنني في غباوتي أُقدم لك فضلات حياتي ، أبخل عليك ببكور وقتي ، وإضرام مواهبي لحسابك . * قدَّمت لي سمواتك مسكنًا لي ، وجعلت خليقتك السماوية أصدقاء لي وأحباء . فأهلني لتسكن أنت فيّ‏ ، وتقيم ملكوتك السماوي في داخلي .
* أحببتني أولاً‏ ، هب لي أن أحبك فوق الكل ! هب لي أن أُسلمك قلبي وفكري وأحاسيسي !