قصة قصيرة : هدية أم إهانة
قصة قصيرة : هدية أم إهانة
القمص تادرس يعقوب ملطي
- عفوًا ، فإنها هدية بسيطة جدًا . - لقد وصلتني هديتك . هل أرسلتيها بالأمس ؟
- لماذا تسألين ؟... لقد أرسلتها بالأمس ... أراكِ مندهشة !
- نعم ، فقد وصلتني زهورًا ذابلة تمامًا ! - أنا أعلم أنها ذابلة . فقد أُعجبت بها حين كنت أتمشي في الحديقة منذ حوالي أسبوع ، فقطفتها لنفسي ، ووضعتها على مائدة الأكل . كانت زهور جميلة ورائحتها زكيه . وإذ ذبلت فكرت أن ألقيها في سلة المهملات ، لكنني فكرت فيكِ ، وقلت في داخلي : « أرسلها إلى لوسي صديقتي المحبوبة بدلاً من إلقائها في سلة المهملات ؟
- هل تحسبينني صديقة محبوبة حين تهديني زهورًا ذابلة لا يليق إلا بإلقائها في سلة المهملات ؟ أم تظنين إنني فقيرة للغاية فتهينيني بإرسال هذه الزهور ؟
- لا تغضبي يا صديقتي فإني أحبك وأفكر فيك . - هل هذا حب أم إهانة ؟
- أتظنين في هذا إهانة ؟ - نعم ... إنني لن أحضر بعد هذا الاجتماع ، ولن التقي بعد معكِ .
ابتسمت مرثا وربتت بيدها على كتفيْ لوسي ، وقالت لها :
- لا تتضايقي يا لوسي ... - كيف لا أتضايق ؟ هل تحسبينني بلا مشاعر ؟ أو بلا كرامة ؟
- إني أحبك ، وأعلم أنكِ مرهفة المشاعر جدًا ورقيقة للغاية ... لكنني أردت أن أكشف لكِ عن أمرٍ خطيرٍ يس حياتك .
- ماذا تقصدين ؟ - إن كنتِ قد حسبتي هدِ يتي هذه إهانة ، فأنتِ
إذن تهينين اللَّه كل يوم . - كيف ؟ - تقضين أفضل أوقاتك في الدراسة ومع الأصدقاء وفي
16
دخلت سميرة بيت صديقتها لوسي وهى تقول لها : - هل تاسوني مرثا ، خادمة اجتماع الشابات عندك ؟
- لا ، لماذا تسألين ؟ - عربتها المرسيدس تقف عند الباب . - ربما تشتري شيئًا ؟
- هل تشتري هذه المليونيرة من محلات فقيرة مثلنا ؟
بينما كانت الشابتان تتحدثان إذا بقرعٍ على الباب . وإذ فتحت لوسي الباب وجدت سائق ( شوفير ) مرثا يقف على الباب ويقدم لها علبة جميلة ، وهو يقول لها : « السيدة مرثا أرسلت لكِ هذه العلبة وهي تسأل عنك «. شكرته لوسي وطلبت منه أن يدخل ، فاستأذن قائلاً بأن السيدة مرثا تنتظره ، لأنه سيقوم بتوصيلها إلى مكانٍ معينٍ .
طلبت لوسي منه أن يشكر السيدة مرثا ، وقالت له : « قل لها إنني سأذهب اجتماع الشابات غدًا وأشكرها بنفسي «.
نادت لوسي والدتها وأخوتها وهي متهللة جدًا . قالت : « انظروا ، مرثا تهتم بي ، أرسلت لي هدية !« سألت الأم : « وما هي مناسبة الهدية ؟« أجابت : « اهتمامها الشديد بي ، إنها مملوءة حبًا «. سرعان ما فتحت العلبة ، وقد ظهرت عليها علامات التعجب . لقد وجدت زهورًا ذابلة تمامًا ، كادت أن تتساقط ، وقد جفت الأوراق ...
« ما هذا ؟«، قالت سميرة وهي في غضبٍ شديدٍ . قالت الأم : « لا تتضايقي يا لوسي . لعلها أخطأت في وضع الهدية ، فوضعت هذه الزهور الذابلة عوض الهدية «.
وعلقت سميرة : « أنا أعرف مرثا سيدة محبة وسخية ، رقيقة المشاعر جدًا . لعلها أعطت هذه الهدية للسائق منذ أسبوع ، وهو أهمل وتكاسل فقدمها اليوم !«
قالت الأم : « على كلٍ غدًا اجتماع الشابات ، اذهبي واشكريها ، واسأليها متى أرسلت هذه الهدية «.
في اليوم التالي ذهبت لوسي الاجتماع وإذ التقت بمرثا دار بينهما الحديث التالي .
- أشكرك على اهتمامك بي وإرسالك الهدية .
راحة الجسد ومشاهدة المسلسلات التليفزيونية والإنترنت ، وأخيرًا قبل أن تنامي وأنتِ مرهقة جدًا تقدمين من فضلات وقتك دقائق للصلاة وقراءة الكتاب المقدس ، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع .
إنك تهينين اللَّه ، كأنه لا يستحق إلاّ الفضلات من وقتك واهتماماتك . هذه هي هديتك للَّه الذي يحبك ويعتز بك كابنة له ، ويطلب نفسك كعروسٍ سماوية . - ماذا أفعل الآن ؟ - اذكري أن الآب قدَّم لكِ ابنه البكر فدية عنكِ ، فهل تبخلين عليه ببكور وقتك واهتماماتك . والكلمة الإلهي نفسه « أخلى نفسه آخذًا صورة عبدٍ ، صائرًا في شبه الناس ، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه ، وأطاع حتى الموت موت الصليب » ( في7:2 (.
* قدَّمت لي يا سيدي ذاتك هدية ، فماذا أُقدم لك ؟ تسألني أن أقتنيك لكي تقتنيني . لكنني في غباوتي أُقدم لك فضلات حياتي ، أبخل عليك ببكور وقتي ، وإضرام مواهبي لحسابك . * قدَّمت لي سمواتك مسكنًا لي ، وجعلت خليقتك السماوية أصدقاء لي وأحباء . فأهلني لتسكن أنت فيّ ، وتقيم ملكوتك السماوي في داخلي .
* أحببتني أولاً ، هب لي أن أحبك فوق الكل ! هب لي أن أُسلمك قلبي وفكري وأحاسيسي !