Tarek El Mahaba Easter Issue | Page 23

‎23‎
نراه في العالم الآخر ‏..‏ هل سنُحرم من هذا كله ؟!‏ وهل سنحرم من الحياة المتجانسة في العالم الآخر . التي فيها البشرية كلها معاً‏ بكل أجناسها . بلغة واحدة . يتفاهمون تلقائياً‏ بغير حاجة إلي مترجم ‏..‏ وكلهم بفهم واحد . ومفاهيم واحدة ‏..‏ حيث تبطل الألسنة واللغات التي تميز مجموعة عن أخري ‏..!‏ هل سنحرم من هذا الجو . ان لم تكن قيامة ؟!‏
لو لم تكن قيامة . لما كان هناك تعويض للذين عاشوا حياة مؤلمة أو حياة بائسة علي الأرض ! نذكر من بين هؤلاء المعوقين جسديا . كالعُرج والكسح . والصم البكم . واصحاب الامراض المستعصية التي كلها ألم . اولئك الذين كانوا يأملون في حياة بعد الموت . ينقذهم الرب فيها من عاهاتهم ومن آلامهم الجسدية والنفسية . ايفعقد هؤلاء الألم ان لم تكن هناك قيامة ‏..!‏ وكذلك هل يعيش المكفوفون في عمي علي الأرض . دون اي أمل في آن يرد الله لهم البصيرة في حياة أخري . ان لم تكن هناك قيامة ! وأيضا الذين عاشوا في فقر وعوز . أو في وظائف محتقرة . أو كانوا خداما أو عبيداً‏ لغيرهم . أو تحت معاملة قاسية ممن لهم عليهم رئاسة أو سيادة ‏..‏ الذين قاسوا قي حياتهم الظلم والاهانة أو التشريد والسبي وامثال هؤلاء ‏..‏ هل لايأملون اطلاقا ان يرد الله اعتبارهم في العالم الآخر . إن لم تكن هناك قيامة وعالم آخر ! ان عدم وجود قيامة يوجد احباطا ويأسا عند كل تلك الامثلة من الناس . وأنه ان لم يكن هناك عدل ومساواة في هذه الحياة الارضية . فكيف لايوجد بعد الموت لون من التعويض ؟!‏
* * * وإن لم تكن هناك قيامة . إذن لاتكون هناك مكافأة للأبرار الذين جاهدوا من أجل حياة الفضيلة علي الأرض اولئك الذين عملوا الخير في الخفاء . وحرموا أنفسهم بسبب تفانيهم في فضيلة العطاء . وجاهدوا من أجل البعد عن كل اغراء ‏..‏ وواظبوا بكل حرص علي الصلاة والصوم . وبعضهم عاش في نسك وزهدوا . رافضين متع الجسد من أجل المتع التي يتمتعون بها بالروح في السماء ‏..‏ وعاشوا في حياة الاحتمال والصبر . وضبط النفس . ومكافحة الشهوات .
هل كل هؤلاء لا تكون لهم مكافأة في حياة أخري . ثوابا من الله عن كل تعبهم وجهادهم الروحي علي الأرض ؟!‏ بل يتساوون مع الاشرار الذين نهبوا الارض نهبا . وتهالكوا علي الشهوات . وعاشوا بكل فساد في حياتهم الارضية . دون أية عقوبة . مادام الموت قد ساوي بين الكل . ولا قيامة ‏!!‏ أي عدل يكون هذا ؟!‏ وهل يقول الابرار اذن في أنفسهم : قد خدعنا الانبياء بحديثهم عن الجنة والنار . وعن الثواب والعقاب ‏!!‏ حاشا لله أن يكون هذا . ويتساوي
البار والاثيم . ويضيع أجر من أحسن عملا ‏..!‏ وان لم تكن قيامة . الا يكون هذا ضد الإيمان ‏!!‏ وايضا ضد وعود الله ! وضد الوحي الالهي ! وضد الدعوة الي التضحية وبذل الذات ! وضد كل ما تعلمناه عن السماء والحياة الابدية ! وعن النعيم والجحيم ! وضد الصلة بين سكان السماء وسكان الارض ! اذن لابد ان تكون قيامة . ولابد ان يكون حسابا . وان يكون هناك ثواب وعقاب ‏..‏ فالدين يقتضي هذا . وأيضا العقل والمنطق يلزمنا ان نؤمن بهذا ‏..‏ * * * و ما د ا مت القيامة عقيدة وضرورة . فينبغي ان نستعد لها ‏..‏ عارفين ان حياتنا الارضية - مهما طالت - لاتقاس شيئا الي جوار الحياة الابدية التي لانهاية لها والتي هي المصير الحقيقي لجميعنا ‏..‏ فلنستعد للابدية بعمل الخير في كل مكان . ومع كل احد لان كل خير نعمله هنا . سنلقي جزاءه هناك في السماء اضعافا مضاعفة ‏..‏ ولنبعد عن كل شر وشبه شر لان الخطيئة تبعدنا عن الله وعن ملائكته وعن السماء وكل سكانها من ارواح الابرار ‏..‏ ولنفرح بأن الله قد اعد لنا حياة بعد الموت يستمر فيها وجودنا فلا يقتصر علي هذه الحياة الارضية المحدودة التي تشوبها آلام وضيقات ولنشكر الله الذي اعد لنا نعيما أبديا . أسمي من كل ما رأيناه في افراح الارض الزائلة ومتعها التافهة .