Tarek El Mahaba April Issue | Page 18

ثلاث صلبان وثلاث قصص المشهد هو مكان للإعدام ، مكان للموت . هناك كان المسيح مع شخصين اخرين . هذان الشخصان لم يكونا شخصين عاديين ، لقد كانا مجرمين . الكتاب المقدس لا يقول لنا ما هي جرائمهما ، ولكن هذا غير مهم ، المهم انهما مجرمان . ولكن مجرد إعدامهما بالصلب كان كافي ليقول لنا انهما ارتكبا جرائم فظيعة . أمامنا يا أخوتي نوعان مختلفان من البشر ، مجرمان يمثلان طبقتين من البشر . اللص الأول ، المجرم الذي لم يؤمن و الذي سوف نطلق عليه في هذه العظة صليب الرفض ، يمثل الخطيئة ويمثل الأشخاص الذين يعيشون ويموتون في تمرد ضد الله وشرائعه . المجرم الثاني ، اللص الذي آمن ، سوف نطلق عليه اليوم صليب القبول و التوبة ، و يمثل الأشخاص الذين سوف يخلصون عبر نعمة الله و من خلال دم ربنا يسوع المسيح . قد نتفاجأ اذا علمنا ان المجرم الذي تاب كان ايضاً‏ يسخر من يسوع قبل الحادثة التي قرأناها الان ، في مرقس ‎32-29‎ : ‎15‎ نقرأ : « وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام . خلّص نفسك وانزل عن الصليب . وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة قالوا خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها . لينزل الآن المسيح ملك اسرائيل عن الصليب لنرى ونؤمن . واللذان صلبا معه كانا يعيرّ‏ انه ‏«.‏ كلاهما كانا متشابهان ، كلاهما كان مذنبين بجرائم فظيعة ، وتم أدانتهم ، وهم الان يحصلان على العقاب العادل . لم يكن هناك أي اختلاف بين هذين الشخصين ، لقد كانا متشابهين . هذان المجرمان يمثلوننا بشكل كبير ، انهما يمثلان البشر من حيث اننا نحن ايضا مجرمين ، لا يوجد اختلاف بيننا . كلنا متشابهون من حيث اننا منفصلين عن الله بسبب خطايانا ، منفصلين عن الله القدوس . نحن متشابهون من حيث اننا تحت قوة الخطية و سيطرتها : « لانه لا فرق . اذ الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله » ( رومية ‎23-22‎ : 3 ‏(.‏ لكن هناك كان اختلاف جوهري في نهاية القصة . واحد من المجرمان تاب و الأخر لم يتب . لقد ركزت في معظم مقدمة في هذه العظة على المجرمين في هذا المشهد ، ولكن كان هناك شخص ثالث ، لقد كان يسوع المسيح . لنطلق أسم صليب التبرير و النعمة على صليب المسيح . في هذا اليوم سوف ننظر الى ثلاثة صلبان و ثلاثة أشخاص و ثلاثة قصص مختلفة . في يوحنا ‎18‎ : ‎19‎ نقرأ « حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع في الوسط ‏«.‏ اليوم يا أخوتي سوف نتعمق بهذه القصة . سوف نتمعن بصليب الرفض و الخطيئة . سوف نتمعن بصليب القبول و التوبة . و أخيرا سوف نتمعن بصليب النعمة و التبرير . أولا : لننظر الى صليب الخطيئة و الرفض : في لوقا ‎39‎ : ‎23‎ نقرأ ان واحد من المجرمين تكلم مع يسوع و قال ‏:«‏ وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا ان كنت انت المسيح فخلّص نفسك وإيانا ‏.«‏ هذا العدد من إنجيل لوقا ممكن ان يخبرنا الكثير عن هذا الشخص و صفاته ، و لكن سأركز اليوم على ثلاثة أمور تخبرنا بها هذه الأعداد : ) 1 هذا المجرم لم يؤمن : تمعن في الكلمات التي قالها هذا المجرم « ان كنت انت المسيح ؟«‏ أخوتي ، الشيطان يتكلم هنا . هل تذكرون ما الذي يقوله انجيل متى‎4‎ 3 : عندما قال الشيطان تقريبا نفس الكلمات عندما كان يجرب الرب يسوع ‏:«‏ فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا ‏.«‏ تذكر يا أخي و يا أخوتي عندما تجد شك و ارتياب في حياتك في امور تتعلق في علاقتك مع الله ، ان الشيطان هو الذي يقوم بهذا العمل وهو الذي يحرك هذه الامور في حياتك . الشيطان هو مصدر التشويش . ان يحب و يتمنى وبل يشجع الناس على الشك و الارتياب وعدم الأيمان بكلام الله وخاصة فيما يتعلق بالخلاص عن طريق الرب يسوع . اسمعوا ما الذي يقوله الكتاب المقدس في رسالة العبرانيين ‏:«‏ 6 : ‎11‎ ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي يأتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه ‏.«‏ أي شخص يريد ان يؤمن بالرب يسوع فيجب عليه ان يؤمن به بشكل كامل و لا يترك للشك مجال في حياته . على الأغلب فأن هذا المجرم قد سمع الجنود و الأشخاص الذين كانوا تحت الصليب يهزئون من يسوع و يسخرون منه قائلين : « ان كنت ملك اليهود فخلص نفسك ‏«.‏ لابد ان هذا اللص فكر بالأمر بشكل منطقي . انه من غير المعقول ان يكون يسوع ملك على اليهود او ملك على أي شيء اذا لم يكن بإمكانه ان ينقذ نفسه من الصليب ‏.!!‏ لو كان في الحقيقة ذلك الإنسان الذي يدعى انه « ابن الله » لماذا لا يطلب من اباه ان يرسل ملائكة تنقذه وتنقذ المجرمين معه من هذا الموت الفظيع ؟ من المغري ان نذهب مع التيار كما فعل هذا المجرم . لكن في نفس الوقت فان هذه الأمور قد تجلب لنا دينونة عظيمة عندما يأتي يسوع مرة اخرى . أخوتي لنأخذ صليب الرفض و الخطيئة كتحذير لنا . يجب ان نأخذ الرب يسوع كمصدر و أساس الخلاص و ان لا نشك في كلامه او وعوده لنا . كثير من البشر في هذا الوقت لا يختلفون عن الشخص المعلق على صليب الرفض . الكثير من الناس يقولون : ان يسوع كان إنسان جيد و انه فعل بعض المعجزات ولكنه لم يكن انسان يختلف عن غيره ، انظروا انه حتى لم يخلص نفسه من الموت على الصليب . الشيطان يفرح جداً‏ لأن يسمع هذه الكلمات تخرج من أفواهنا . لكن يجب ان نتمهل قبل ان ننطق بهذه الكلمات التي سوف تجلب لنا الدينونة . الكتاب المقدس لم ينتهي بموت يسوع على الصليب . القصة لها تكملة ، الرب يسوع قام من الموت قاهراً‏ الشيطان و شوكة موته . هذا دليل واضح ان يسوع لو اراد ان يخلص نفسه لفعل ذلك بسهولة لكنه كان يريد ان يحقق هدف اعظم و أسمى و هو تخليص البشرية من تحت وطأة الخطيئة من خلال دمه المسفوك الذي سوف يعطي الأمل بالمستقبل المشرق بالشركة مع الله . ) 2 ملء الشك قلب هذا المجرم : الشك الموجود في قلب هذا المجرم يذكرني بقصة توما ، توما الشكاك . الكثير منا يعرف قصته عندما لم يصدق التلاميذ الآخرين عندا اخبروه انهم رأوا الرب يسوع بعد ان قام من بين الأموات . رفض التصديق حتى يرى يسوع بعينه و يعاين جراحه . الرب يسوع لم يكن غاضب منه عندما ظهر مرة اخرى و كان توما وقتها مع التلاميذ . لقد تفهم الرب يسوع وضع توما و أراده ان يعرف انه انسان غير كامل . قد يحدث ان يشك البشر بعض الاحيان . الامر العظيم في هذه القصة ان الرب يسوع تفهم الأمر . الشك هو شيء طبيعي في الطبيعة البشرية الخاطئة . توما هو ليس الانسان الوحيد في العالم الذي يشك . أريد أن اقرأ لكم إحصائية نشرتها جريدة مسيحية بعد ان قامت بعمل استفتاء بين أعضاء إحدى الكنائس المعروفة في أمريكا : % ‎22‎ غير متأكدين بشكل كامل ان الله موجود % ‎31‎ غير مقتنعين بقصة الميلاد من مريم عذراء % ‎38‎ غير مقتنعين ان يسوع مشى على الماء % ‎43‎ لديهم شكوك ان الرب يسوع سوف يعود مرة اخرى
% ‎33‎ لديهم شكوك ان الشيطان موجود .
) 3 بدا هذا المجرم متكبراً‏ بدل ان يكون هذا المجرم متواضع يتطلع الى الرأفة و الرحمة نقرأ في الكتاب المقدس انه كان يجدف على الرب يسوع . كان لدى هذا المجرم مشكلة الكبرياء في حياته . الرب يسوع كان من الناحية النظرية على الأقل الشخص الوحيد الذي يمكن ان ينقذه في تلك اللحظة اذا كان لديه الأيمان انه ابن الله . لكن لا ، لم يكن يريد ان يكون متواضع و يطلب من يسوع ان يساعده . لقد ضيع فرصة عظيمة لن تعود مرة أخرى . يجب ان نتعلم درس هذه اليوم من خلال هذا المجرم ، هذا الدرس هو ان لا نكون متكبرين بل يجب ان تتميز حياتنا بالتواضع . يوحنا المعمدان يعلمنا درس عظيم عن التواضع . اسمعوا ما يقول في إنجيل يوحنا « ‎27‎ : 1 هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه ‏.«‏ يوحنا المعمدان الذي كان نبي عظيم ، شعر انه غير مستحق ان يفك رباط حذاء الرب يسوع . على الرغم ان الرب يسوع قال في لوقا » ‎28‎ : 7 لاني اقول لكم انه بين المولودين من النساء ليس نبي اعظم من يوحنا المعمدان ‏«.‏ اذا كان يوحنا أعظم الأنبياء كان يعتبر نفسه غير مستحق حتى ان يمس حذاء الرب يسوع ، فماذا عنا ؟ يا أخوتي يجب علينا ان نضع الكبرياء جانباً‏ . أريد أن أخبركم بنكتة حدثت في الحقيقة ترينا كيف ان الانسان يحب التكبر : كلكم تعرفون محمد على كلاي الملاكم المشهور . يوم من الأيام حجز مقعد في طائرة و وصعد جلس في مقعده بالطائرة لكنه لم يربط حزام الأمان . فطلبت منه المضيفة بأدب ان يربط حزامه فرد عليها ان سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان ( يقصد نفسه ) فردت عليه المضيفة : طبعا سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان لأنه لا يحتاج الى طائرة . فقام محمد على كلاي بربط حزامه بعد ان شعر بالحرج . ثانيا : لنتكلم عن صليب القبول التوبة : ) 1 لقد خاف الله في إنجيل لوقا العدد ‎40‎ نقرأ ‏:«‏ فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه ‏.«‏
‎18‎