Tarek El Mahaba 2018 | Page 47

« كان الوقت قرب عيد الميلاد عام ، ‎1994‎ وكان هذا دور الملجأ ليستمع لأول مرة إل قصة الميلاد . أخبرناهم عن يوسف ومريم ووصولهم إل بيت لحم . وكيف لم يجدوا غرفة في الخان ، وكيف ذهبا إل المذود ، حيث ولد الطفل يسوع ووضع في مذود البقر . أثناء سرد القصة كان الأولاد والمشرفين جالسين يسمعون وهم غاية في الانبهار . البعض منهم جلس على حافة كراسيهم ، وهم يحاولون أن يحفظوا كل كلمة .
بعد الانتهاء من سرد القصة ، أعطينا كل طفل منهم 3 قطع صغيرة من الكرتون ليعملوا منها مذود . وكذلك أعطي كل طفل منهم مربع ورقي صغير ، قطع من مناديل صفراء كنت قد أحضرتها معي . فلم يكن هناك ورق ملون متاحًا في المدينة . قطع الأولاد بعناية الورقة الصفراء ووضعوا الأشطة في المذود كأنها تبن . كذلك قطع مربعة صغيرة من القماش أخذت من رداء تخلت عنه سيدة أميركية ، استخدمت لعمل دمية على شكل طفل . انشغل الأولاد الأيتام في صنع مذاودهم بينما تمشيت أنا بينهم لأمد يد المساعدة لمن يريد . وجدت الكل يسير على ما يرام حتى وصلت إل منضدة يجلس عليها الطفل الصغير ميشا . بدا عليه أنه في السادسة من عمره وقد انتهى من عمله . أجفلت أنا حينما نظرت إل مذوده حينما رأيت ليس طفلا واحدا فيه بل اثنين ‏!!!!‏
وعلى الفور ناديت على المترجم ليسأل الطفل لماذا هناك طفلين في المذود ؟ شبك الطفل يديه أمامه وبينما راح ينظر إل المذود الذي صنعه ، راح يسرد القصة وهو في غاية الجدية ، لمثل هذا الطفل الصغير الذي سمع قصة الميلاد لأول مرة ، ذكر الأحداث بدقة . وصل للجزء الذي يحكي أن مريم العذراء وضعت طفلها في المذود . بدأ ميشا هنا يضيف قصته هو وأنهى القصة التي رواها من عنده فقال : « عندما وضعت العذراء مريم الطفل في المذود ، نظر يسوع إليّ‏ وسألني هل عندي مكان أقيم فيه ؟«‏ فقلت له : « أنا ليس لدي ماما وليس لدي بابا ، ولذلك ليس لدي أي مكان لأقيم به . وبعد ذلك قال لي يسوع أنه يمكنني البقاء معه ، ولكنني قلت له أنني لا أستطيع لأنه ليس لدي هدية أقدمها له مثلما فعل كل واحد من الآخرين . ولكنني كنت أريد بشدة البقاء مع يسوع ، ففكرت في ما الذي لدي ويمكنني أن أستخدمه كهدية ؟ فكرت أنه ربما أنني إذا أدفأته ، فقد تكون هذه هدية جيدة ‏....‏ وهكذا سألت يسوع ، « لو أدفأتك يا يسوع ، فهل ستكون هذه هدية جيدة كافية ؟«‏ ويسوع قال لي « أنه إذا أدفأتني ، ستكون هذه أحسن هدية قدمها أي شخص لي ‏«.‏ وهكذا ، دخلت أنا إل المذود ، ونظر يسوع إلي وقال لي أنه يمكنني أن أبقى معه دائمًا ‏!!!!‏ وعندما أنهى ميشا الصغير قصته ، فاضت عيناه بالدموع التي أخذت تتساقط على وجنتيه . ووضع يديه على وجهه ، ثم أسند رأسه إل المنضدة وأخذت كتفاه تهتزان وهو ينشج وينتحب . لقد وجد الصغير اليتيم شخصً‏ ا لن يرفضه أو يسئ معاملته ، شخصً‏ ا سيبقى معه دائمًا . ولقد تعلمت أنا أنه ليس ما هو لديك في حياتك هو المهم . بل من هو الذي في حياتك هو الأهم هذه كانت القصة لطفل يملك من العمر 6 سنوات ، وقدم لطفل المذود جسده كله بما أنه لا يملك شيء ‏..‏ أما نحن نملك الكثير ، فماذا سنقدم لطفل المذود ؟!‏
‎47‎