Ghazl Mahalla Bulletin Issue 1 Jan. 2017 | Page 29

8 النشرة الثقافية - العدد الأول
روح العمل والتضامن في الشعب المصري ووضع أساس سليم للتربية الاقتصادية في البلاد . وكان أول مقر للبنك في شارع الشيخ أبو السباع .
قد كانت أموال المصريين توضع في البنك الأهلي حيث يتم توجيهها لإنشاء المشاريع بدول أوروبا ولا تستفيد منها مصر . وقد تعطلت عملية إنشاء البنك 8 سنوات كاملة بسبب قيام الحرب العالمية الأولى ، حتى إذا ما اشتعلت الثورة المصرية في عام ‎1919‎م كانت نفوس المصريين قد تهيأت لقبول الفكرة فدعا طلعت حرب مع رفاقه المخلصين إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب الاقتصادية على المقدّرات المصرية . وبخطوات هادئة واثقة ظل طلعت حرب يدعو لمشروع البنك ، وحين سمع بذلك المستشار المالي الانجليزي استدعاه لمقابلته وقال له : « هل تتصور أن المصريين يستطيعون أن يديروا بنكاً‏ ؟ إنها صناعة الأجانب وحدهم » ونصحه بأن يشرك الأجانب في أي بنك يفكر بإنشائه حتى يثق المصريين بهذا البنك ‏..‏ فرد عليه طلعت حرب بثقة : « لقد قررت أن يكون هذا البنك مصرياً‏ مائة بالمائة » . أقنع طلعت حرب مائة وستة وعشرين من المصريين بالاكتتاب لإنشاء البنك وبلغ ما اكتتبوا به ثانون ألف جنيهاً‏ ، وفي الثلاثاء ‎13‎ أبريل عام ‎1920‎م نشرت الوقائع المصرية في الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى « بنك مصر » حيث تم الاحتفال بتأسيسه مساء الجمعة 7 مايو في دار الأوبرا السلطانية المصرية . تأسس البنك واشترط أن تكون أسهمه إسمية لا يمتلكها إلاّ‏ المصريون ، كما قرر
جعل اللغة العربية لغة البنك الرسمية في كل أعماله وشئونه . على أن يقوم بإدارة البنك مجلس إدارة والذي تم انتخابه كالآتي - أحمد مدحت يكن باشا رئيساً‏ للمجلس
- يوسف أصلان قطاوي باشا وكيلاً‏ - محمد طلعت حرب بك نائباً‏ للرئيس وعضو مجلس الإدارة المنتدب
- الدكتور فؤاد سلطان بك عضو مجلس
الإدارة المنتدب بالإنابة أمّا باقي الأعضاء فهم : عبد الحميد السيوفي وعلي ماهر وعبد العظيم المصري واسكندر مسيحة ويوسف شيكوريل وعباس الخطيب وأعلن للناس برنامج البنك الذي لخّصه في : تشجيع المشروعات الاقتصادية المختلفة التي تعود على البنك وعلى البلاد بالخير الوفير وفي المساعدة على إنشاء الشركات المالية والصناعية والتجارية والزراعية ، وكذلك إنشاء الغرف التجارية والنقابات التعاونية ، وأيضاً‏ بث
رؤيته لمستقبل الصناعة
وبعد سنوات قليلة من بدء نشاط البنك يبدأ فكر طلعت حرب بشأن الصناعة والتصنيع يتبلور ، فيشير إلى حجم قطاع الصناعة في هيكل الإنتاج والعمالة والذي لا يزيد عن ثُ‏ ن العاملين في الزراعة ، فيقول في خطبة افتتاح بنك مصر بالمحلة الكبرى سنة ‎1934‎م : " إن في القطر المصري عيباً‏ جوهرياً‏ في تكوين الطبقة العاملة وتوزيع جهدها على مختلف نواحي الإنتاج ، وهذا الزمن الحديث يستدعي أن يزيد اهتمامنا بالصناعة على الأقل فيما لدينا من موادها الخام " . ولم تكد تمضي على هذه الزيارة ثلاث سنوات حتى كان طلعت حرب يؤسس كبرى شركات بنك مصر الصناعية وهي " شركة مصر للغزل والنسج بالمحلة الكبرى " في سنة ‎1927‎م ، والتي تم تأسيسها برأس مال قدره ‎300‎ ألف جنيه ، واستقدم خبراء هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج ، وبفضل وجودها ازدهر مجتمع مدينة المحلة الكبرى واتسعت رقعته وأصبح مركزاً‏ صناعياً‏ من الطراز الأول وأصبحت الشركة إحدى الدعامات الرئيسية التي يقوم عليها اقتصاد البلاد ، وتلاها بالعديد من الشركات
في كافة المجالات الاقتصادية .

8 النشرة الثقافية - العدد الأول