CityPages Kuwait June 2016 Issue June 2016 | Page 31

‫تعليقات مريضة‬ ‫دينا عبدالكريم‬ ‫أستاذة في علم التنمية البشرية‬ ‫مدرب ومستشار‬ ‫‪Instagram @ct_dina‬‬ ‫علوم جديدة دخلت في مهارات الحياة ودراسات وتطبيقات لم تكن‬ ‫موجودة في حياتنا سابقا أوجدتها اليوم وسائل التواصل اإلجتماعي‪،‬‬ ‫وهذا ما دفعني اليوم لكتابة هذا الموضوع‪،‬لقد بدأنا اليوم نتواصل‬ ‫مع الجميع نساء ورجال كبار وصغار ‪ ،‬لم يصبح اتصالنا بشخصية‬ ‫مشهورة صعب كما كان في السابق فصرنا نستطيع التواصل مع‬ ‫أشهر الشخصيات والشركات والمؤسسات وغيرها في أي لحظة‬ ‫ونحن في بيوتنا بل ونحن في أسرتنا دون عناء‪ ،‬وهذا فضل من‬ ‫اهلل وفضل العلم والتطور علينا وال ننكر أنها نعمة سهلت علينا‬ ‫الكثير‪ .‬وواجبنا تجاه النعم شكر اهلل عليها واستخدامها استخداما‬ ‫صحيحا يرضي اهلل أو على األقل يرضي اإلنسانية‪ .‬كم هو مؤلم‬ ‫أن يكون سين من الناس خلف شاشة ويستغل ذلك في الشتم‬ ‫والسب والكالم االنتقامي والشماتة على كل حدث في الفرح وفي‬ ‫الحزن ‪ ،‬ال يسعني إال أن أقول أن ذلك الشخص مع األسف ال يعرف‬ ‫هو ماذا يريد من نفسه وال يعرف هدفه بالحياة وكأنما خلق ليرد‬ ‫على كل معروض وينسى األخالق واإلنسانية فيكشف للجميع أنه‬ ‫شخص مريض بالحقد والحسد حتى وإن توارت صورته واختفى‬ ‫اسمه خلف اسم مستعار ليتذكر ذلك اإلنسان أنه يتواصل مع بشر‬ ‫من دم ولحم واحاسيس وجوارح‪،‬فبعضهم لم تسلم من ألسنتهم‬ ‫حتى المرضى وال األموات وال الشهرة وال الحق وال الصحيح وال اإلبداع‬ ‫وال المبادرة وال الطيبة ‪ ..‬سلبيون في كل الجوانب ‪ ..‬فبعض الكتابات‬ ‫والتعليقات في وسائل التواصل اإلجتماعي تذكرني بالمقولة‪ :‬أن‬ ‫تكون صامتا ويعتقد الناس أنك أبله أفضل من أن تتكلم وتثبت‬ ‫لهم ذلك‪ .‬وكذلك قال رسولنا محمد ص ‪ :‬من كان يؤمن باهلل‬ ‫واليوم اآلخر فليقل خيرا أو ليصمت‪.‬‬ ‫أتذكر ذات مرة وأنا أتابع أحد حسابات االنستقرام التربوية وجدت‬ ‫مشادة كتابية بين معلمتين !! أي إمرأتان تربويتان! إحداهما كانت‬ ‫ملتزمة في تعليقاتها نوعا ما ‪ ،‬أما الثانية فلن أشرح ماذا كانت‬ ‫‪31‬‬ ‫‪CITYPAGESKUWAIT.COM‬‬ ‫تقول وكيف كانت ترد‪ ،‬فقط سأكتب بما تساءلت أنا ؟؟؟ كنت‬ ‫أتساءل ‪ :‬كيف نؤمن أبناءنا عند هذه الفئة من التربويين!‬ ‫فمن المحزن أن أجد مشهورا مصابا أو عبدا مبتليا وأجد بالمقابل‬ ‫أحد السفهاء يكتب له تعليقا شامتا عدوانيا محددا حتى مصيره‬ ‫إن كان سيدخل الجنة أم النار !! أو أن يدعو عليه بالمرض والزوال‬ ‫واالبتالء !! أي دين تتبع تلك الفئة الضالة الناقصة !! ينتقدون‬ ‫مجرمي القتل و هم يرتكبون أفظع الجرائم بألسنتهم‪ .‬ومن هذا‬ ‫المنطلق‪ ،‬سنت قوانين الجرائم اإللكترونية ألن البعض يخاف‪ ،‬ال‬ ‫يستحي! فهل علينا أال نكترث إيمانا منا بمثل‪ :‬إن لم تستح‬ ‫فاصنع ما تشاء؟ أم علينا االهتمام لتطوير هذه الفئة من الناس‬ ‫ومعالجتهم نفسيا ؟؟‬ ‫أود لو أن يكون هناك فرصة لنشر عبارات وبرامج توعوية بهذا‬ ‫الخصوص‪ ،‬البد و أن يتعلم البعض كيف يبدأ بحب ذاته حتى يحب‬ ‫اآلخرين‪ .‬فعندما أجد أن معظم تعليقات الناس شامتة ومنتقمة‬ ‫وعدوانية أتساءل هل من نواجههم في حياتنا هم فقط الطيبون‬ ‫أم أن معظمهم يخفي حقيقته خلف قناع مزيف؟ أين هذه الفئة‬ ‫منا ؟ سؤال يستحق التفكر‪.‬‬ ‫بالنهاية ال يسعني إال أن أقف إجالال واحتراما ألصحاب األخالق الرفيعة‬ ‫واألساليب الراقية الذين يلتزمون بأخالقهم وآدابهم في السر‬ ‫والعلن‪ ،‬لست خوفا من أحد إنما تمسكا بالخلق الحميد وإيمانا‬ ‫منهم أن الرقي رقي الفكر واألدب‪ .‬قال تعالى ‪َ { :‬و ِإن َ‬ ‫َّك ل ََع َلى خُ ُل ٍق‬ ‫يم } القلم‪ ،4‬مادحا نبيه الكريم على خلقه الحسن‪ ،‬وما هذا إال‬ ‫َع ِظ ٍ‬ ‫دليل على مكانة األخالق الرفيعة المرموقة التي علينا جميعا أن‬ ‫نتمسك بها وننقلها ألبنائنا بقناعة تامة دون أدنى شك‪.‬‬