9 . 1 الجوانب الثقافية
. 1 الجوانب الثقافية
الهدف : توضيح المقصود بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والتأكيد على أن العنف ضد المرأة بأشكاله المتعددة ، متضمناً العنف الجنسي الذي يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان .
الجزء الأول : نقاط الانطلاق
يستجيب بنو الإنسان ، نفسياً ، للخطر والصّ دمة في أيِّ مكانٍ بالطَّ ريقة نفسها تقريباً ، بغضِّ النّظر عن ثقافاتهم . وسوف يُظهِرُ شخصٌ ما قد تعرَّض للسَّ رقة في فرنسا ، أو قد عَلِق في الحَ رب في الكونغو ، أو قد حَ طَّ مه / اجتاحه فيضان تسونامي ( المدّ البحري ) في تايلاند ، استجابات جسدية مُماثلة ؛ وذلك بناءً على الفسيولوجيا البشرية والمُنعكَسَ ات المُرتَبِطة بها . ولكن ، تحت تأثير الثقافة ، فإنَّ الطريقة التي يُعبِّر بها النّاس عن سلوكاتهم ، ويُفسرونها قد تختلف اختلافاً كبيراً .
وتٌمكن الثّقافة الناسَ من تكوين مُجتمعاتٍ بمشاركةِ الآخرين . فمن خلال الثّقافة ، نتناقل كُلّنا الأفكار ، والقيم ، وطُ رَق العَيْش ، ونَنقُل المعرِفة ، والمهارات ؛ وكلُّ ذلك هو الحِ كمة التي تحتاجها المُجتمعات لتنجو وتزدهر عبر الأجيال .
وعندما نلتقي بالنّاجين من الصّ دمات ، فإنَّ ردود الأفعال الجسدية التي يظهرونها قد تكون مألوفةً لدى مُعظم الأشخاص الذين قد تعرَّضوا ( ويتعرّضون ) لأحداثٍ صادمة . وقد يفهم النّاجون ، في الوقت نفسه ، ردود الأفعال هذه ويُعبّرون عنها بطُ رقٍ مُختلِفة . ويجب علينا نحن المُساعدون فهم تلك التّفسيرات الاجتماعية والتّعامل معها ، آخذين بعين الاعتبار مُعتقداتنا أثناء القيام بذلك لأنّنا جميعاً ، بطبيعة الحال ، لدينا أيضاً قيماً وافتراضاتٍ ثقافيةً .
ويبحثُ الدليل العالمي التّشخيصي الإحصائي الرابع للاضطرابات النّفسية “ DSM-IV ” في المُصطلح المُسمَّى “ بالمُتلازمات المُرتَبطة بالثقافة ” ( CBS (. ويُدرِجُ ذلك الدَّليل العالمي قائمة بالعديد من المُتلازمات المُنتشرة في مُجتمعاتٍ أو مناطق ثقافية مُعيَّنة ، كما يُشدِّد على أنَّ المُجتمعات والثقافات المُختلِفة لديها طُ رقٌ مُختلفة في تفسير أشكال الأحداث الصّ ادمة المُتماثلة والاستجابات لها . ويبحث الدّليل التَّشخيصي ( الرّابطة الأمريكية للطّ ب النّفسي “ APA ”، 2002 ) في العناصر الخمسة للصِّ ياغة / التركيبة الثقافية . وهي : الهوية الثقافية للفَرد ؛ والتّفسيرات الثّقافية للأمراض التي تُصيب الأفراد ؛ وتأثير البيئة النّفسية الاجتماعية للمريض والأداء الوظيفي فيها ؛ والعناصر الثقافية في العلاقة بين المريض والمهني ؛ واستخدام التّقييم الثقافي للفصل في التّشخيص والرّعاية .
وتحقيقاً لأغراضنا ، فمن المُهم أنْ نأخذ في الحسبان أنَّ الناس قد يحكمون على المرض النَّفسي من النّاحية الأخلاقية . فقد يعتبرونه ناجمٌ عن ضعف الشّ خصية ، وقد لا يدركون أّنه قد ينتُج عن التّعرُّض لصدمة ما . وقد يكون مُرتَبِطٌ بالشعور بالخِ زي ، كما قد يُفضي إلى الإقصاء ( الاستثناء أو الإبعاد (.
ومن المُهمِّم ، بناءً على ذلك ، تبنِّي مُقاربةً حسَّ اسةً للتّعامل مع الناجين من الصّ دمات الشديدة ؛ إذ أنَّ الخلفيات الثّقافية المُختلفة قد تتطلَّبُ مُقارباتٍ مُختلِفة . وفي الوقت نفسه ، لا يجب على المرء الَقفز إلى الاستنتاجات بناءً على المعرِفة التي يمتلكهاعن ثقافةٍ ما ، بل يجب أنْ يكون مُنفتِحاً على المعاني والقيم ومُراعياً لها .
وسوف يُستَخدَمُ هذا الدَّليل في أجزاءٍ مُختلفة من العالم . ولذلك ، فمن المُهمِّ الأخذ بعين الاعتبار أنَّ الجوانب الثقافية تتفاوت من مكانٍ لآخر ، وأنَّ الاختلافات الثَّقافية قد تُؤثِّر على ردود أفعال النّاجين وسلوكاتهم ، وعلى بيئتهم الاجتماعية أيضاً . ونرغب ، في الوقت نفسه ، في تسليط الضوء على أنَّ البَشر كُلَّهم يتشاركون في العديد من الاستجابات الجسدية والنفسية للمخاطر والتّهديدات .