Arabic - Mental health and gender-based violence Arabic version | Page 143

‎132‎
الجزء الثالث : النّظرية
ما الذي يجب القيام به لمُعالجة مسألة التّمييز ضدّ‏ الأطفال وأمّهاتهم ؟
لا يُمكن أنْ‏ يكون هناك مُقاربةٌ‏ واحدةٌ‏ للتّعامل مع هذه المسألة ؛ وليس أقلّها لأنَّ‏ " أطفال الحروب " عبارة عن مجموعة مُتنوّعة جداً‏ ، من حيث ظروفهم وتربيتهم . وتُحاجِ‏ جُ‏ " روزندال " Roosendaal ( ‎2011‎ ) أنَّ‏ من الضروري تناول هذه المَسألة بحساسية لهذا السَ‏ بب . إذ يحتاج كلٌّ‏ من الأطفال وأمهاتهم إلى الحصول المُساعدة النفسية للتّعامل مع أوضاعهم ؛ كما أنَّه حقٌّ‏ لهم . ويجب أنْ‏ تتأكّد برامج المُساعَدات ، من النّاحية العملية ، حصولَ‏ الأمُهات والأطفال على دعمٍ‏ كافٍ‏ ، إضافةً‏ إلى أنّه يجب الاعتراف بعدم الافتراض بأنَّ‏ الأمّهات سوف يكنّ‏ مُستعدّاتٍ‏
لرعاية أطفالهنّ‏ ، أو أنَّهنَّ‏ قادراتٍ‏ على القيام بذلك ‏)"‏ مُكمان ‏"،‏ Mochmann ‎2008‎ ‏(.‏
الأطفال المولودون إثر حملٍ‏ ناجم عن الاغتصاب : عواقب التّفاعل بين الأم والطّ‏ فل
تُقوِّضُ‏ الحروب والضغوط النَّفسية الصادمة ، بصورة شديدة ، الجهود الوالِدية التي تَهدف إلى إبقاء أطفالهم بأمان . فقد أظهرت بعض الأدلة الثّبوتيّة على أنَّ‏ الصّ‏ دمات التي تتعرَّض لها الأمّهات تُؤثر سلباً‏ على النّمو البيولوجي والفسيولوجي للأطفال ‏)"‏ يهودا ‏"،‏ Yehuda و " بلير ‏"،‏ Blair و " لابنسكي ‏"،‏ Labinsky و " بيرر ‏"،‏ Bierer ‎2007‎ ‏(،‏ وعلى العلاقة المُبكِّرة بين الأم والطّ‏ فل ‏)"‏ ألمِقفِست ‏"،‏ Almqvist و " بروبرغ ‏"،‏ Broberg ‎1997‎ و‎2003‎ ‏(.‏ وتُعيق المُشِ‏ كلات الصّ‏ حية النّفسية الوالِدية النّمو الاجتماعي للطّ‏ فل وتزيد من خَ‏ طر إصابة الطِّ‏ فل بمشكلات صِ‏ حيّة نفسية ، لا سِ‏ يّما إذا كان العَيشُ‏ في سياقٍ‏ مليءٍ‏ بالعُنف والصّ‏ دمات ‏)"‏ يول ‏"،‏ Yule ‎2000‎ ‏(.‏
إنَّ‏ نظرية التَّعلُّق “ theory ” attachment ذات صِ‏ لةٍ‏ أيضاً‏ بالأُسر التي تعيش في مثل هذه البيئات . فهي تُسطِّ‏ رُ‏ نموذجاً‏ عن كيفية تعلُّم الأطفال البحث عن ملجأ ، وتنظيم مشاعر الخوف والإثارة ، والتّعبير عن العواطف ، والثِّقة بأنفسهم وبالآخرين ، في المراحِ‏ ل المُبكّرة من علاقاتهم الثّنائية ‏)"‏ برِثرتُن ‏"،‏ Bretherton ‎1992‎ ‏(.‏ فالأطفال الذي يمتلكون علاقاتٍ‏ آمنة مع كبارٍ‏ بالغين مُراعين لهم ومتوافرين عن الحاجة إليهم ، يكونوا قادرين على تحقيق توازنٍ‏ بين الاستكشاف العاطفي ، وكبح جماح العواطف . وفي المُقابل ، يميل الأطفال الذين يسَ‏ عون إلى حماية أنفسهم إلى تجنُّب المخاطر ؛ ويميل الأطفال المُتناقِضون وِجدانياً‏ إلى التَّشبُّث بالكِبار الراشدين للحصول على إحساسٍ‏ بالأمان .
وينسحب الوالدون الذين تعرَّضوا لصدمة ما بدورِهِم من التَّفاعل مع أطفالهم ، أو يُبالِغون في حمايتهم بسبب مخاوِفَ‏ خاصّ‏ ة بهم .
لقد استُحدِث مفهوم " انتقال الصّ‏ دمة بين الأجيال " لوصف الأطفال الذين يُظهرون رُدود أفعال على الصّ‏ دمات التي يُعاني منها والِدوهم عن طريق إصابتهم بأعراض الصّ‏ دمة ‏)"‏ دانيلي ‏"،‏ Danieli ‎1998‎ ‏(.‏ فقد لا يُعاني هؤلاء الأطفال بالضّ‏ رورة من تجارِب صادمة ؛ حيث أنَّ‏ الصّ‏ دمة انتقلت إليهم عبر علاقاتهم الثّنائية . فالخوف في أعين الأمِّ‏ يُسبِّب الصّ‏ دمة للرُّضع خصوصاً‏ . وغالباً‏ ما تَفتقر الأمّهات اللواتي تعرَّضن للصّ‏ دمة إلى الطّ‏ اقة ، وهنّ‏ يُظهِرن عواطِ‏ ف فاتِرة ويتخلّصن من ( يقطعن ) علاقاتهنّ‏ . وقد يكون الوالدون في حالة خدرانٍ‏ ، أو إنكار ، أو تستَحوذ عليهم ذكرياتهم ، أو قد يتأرجحون بين الشّ‏ رود الذّهني والتّفاعل الثّنائي الإقحامي مع أطفالهم ‏)"‏ بُناماكي ‏"،‏ Punamaki و " كوتا ‏"،‏ Qouta و " إل ساراج ‏"،‏ El Sarraj و " مُنتغومري ‏"،‏ Montgomery ‎2006‎ ‏(.‏ وعندما تُعالَجُ‏ الصّ‏ دمة جيداً‏ ، فإنَّ‏ العواطف المُتشظِّ‏ ية ، التي تُولِّدها الصدمة ، تُدمَج بصورةٍ‏ تدريجية . ولهذا السَّ‏ بب ، تكتسي مساعدة الأمّهات في مُعالجة ذكريات الصّ‏ دمة الخاصّ‏ ة بهم أهمية كبيرة لنماء أطفالهم .
ومن المُرجّ‏ ح أنْ‏ تُظهرَ‏ الأمّهات اللواتي يتعرَّضن بشدة للصّ‏ دمات حساسيةً‏ وقُدرات والِدية مُنخفضة ، وأنْ‏ يُعانِينَ‏ من مُشكِلاتٍ‏ في الارتباط ، وأنْ‏ يقمن بهيكلة علاقاتهنّ‏ بأطفالهنَّ‏ بصورةٍ‏ غير ملائمة ؛ وذلك مثلاً‏ إمّا بانخراطهنَّ‏ المُبالغ فيه أو غيابهنّ‏ عاطفياً‏ . ومن المُرجَّ‏ ح أيضاً‏
أنْ‏ يكون الرُّضّ‏ ع الذين يعيشون في أُسرٍ‏ تعرَّضت بشدة للصّ‏ دمات غير مُستَجيبين وينقطعونعن علاقاتهم الثّنائية . وإضافةً‏ إلى ذلك ، فقد تجد الأمّهات اللواتي يتعرَّضن بشدة للصّ‏ دمات صعوبةً‏ في تخفيف وتنظيم مشاعِر أطفالهنَّ‏ ، مما يُبطِّ‏ ء نموهم الحركي الحِ‏ سّ‏ ي ويجعلهم مستائين أو يعانون من عدم الانتظام في النّوم .