131
. 2 موروث الاغتصاب : الأطفال المولودون إثر حملٍ ناجم عن الاغتصاب
الجزء الثالث : النّظرية
( هذه المسألة غير مُناقَشة بشكلٍ خاص في هذا التّدريب (.
وَصمَة العار المُرتبِطة " بالأطفال المولودين في الحروب ":
إنّنا نعلَمُ بأنَّ العنف الجِ نسي والعُنف القائم على النّوع الاجتماعي يُؤذيان ضحاياهما إيذاءً جسيماً . وقد تم الإقرار مُؤخّ راً بأنَّ الاعتداء الجنسي له أثرٌ مُدمِّرٌ على الأُسَ ر والمُجتمعات ، ويُؤثِّر في المُجتمع عموماً . ولا تُبلِّغ النّساء ، في أغلب الأحيان ، عن مثل هذا النّوع من العُنفِ
لأنَّه قد يُلحِ ق بهنَّ الوصمة بالعار . ومع ذلك ، وعندما يُسفِر الاغتصاب عن الحَ مل ، فلا يكون بالإمكان إخفاؤه . ويُستَخدم مُصطلح " أطفال الحروب " للإشارة إلى الأطفال " الموصومين بالعار لأنَّ أمّهاتهم أقَمن علاقة مع جنود العدو أو الحُ لفاء ، أو مع كوادر مُوظِّ في قُوات حِ فظ السَّ لام "، أو لأنَّ هؤلاء الأطفال " وُلِدوا نتيجة عُنف مُسيَّس ( ذو طابع سياسي ) استُخدِم كاستراتيجية حربٍ جنسية ( حرب يطغى عليها الطّ ابع الجِ نسي (" )" مُكمان "، Mochmann 2008 (. وإنَّ هذه الفئة الثانية هي محور التّركيز الرئيسفي هذا النِّقاش .
نُقطة البِداية :
ينصبُّ معظم الاهتمام الأكاديمي والعام بموضوع العُنف القائم على النّوع الاجتماعي على فئة ضحايا العُنف من النِّساء ، والصّ دمات التي يُعانِين منها ، وتَبِعات الاغتصاب )" روزندال "، Roosendaal 2011 (. ويُولَى الأطفال المولودون إثر حملٍ ناجم عن الاغتصاب اهتِماماً
أقل . ومن الأهمية بمكان الاعتراف بهؤلاء الأطفال . وعلى الرّغم من أنّ البيانات المَنهجية ناقِصة عموماً ، إلا أنَّ " كاربنتر " Carpenter ( 2007 ) يعتبرَ أنّ الدّليلَ الثّبوتي المُتوافِر يُشير إلى أنَّ " أطفال الحروب " يواجهون بشكلٍ عام تمييزاً شديداً ؛ ويُعزى ذلك أحياناً إلى أنَّ النِّساء اللواتي يُصبِحن حَ وامِلاً ، أو اللواتِي يَضعن مواليدهنّ بعد تعرُّضهنَّ للاغتصاب ، يُواجِ هنَ وصمة العار والإقصاء الاجتماعي . وإضافةً إلى ذلك ، فإنَّ تعلُّق الأمهات بالأطفال المولودين إثر حملٍ ناجم عن الاغتصاب يختلِفُ اختلافاً كبيراً من مُجتمعٍ إلى آخر ، شأنه في ذلك شأنُ وصمة العار الاجتماعية الذي يُرافِق هؤلاء الأطفال . ويلقى بعض الأطفال الحُ بَّ والقَبول ، أمّا البعض الآخر فترفضهم أمُهّاتهم ومُجتمعاتهم ؛ وبعض الأطفال يقع ضحية ظاهرة وأد الرُّضّ ع ( قتل المواليد (. ومن المُرجَّ ح أنَّ سبب الاختلافات في المواقِف يرجعُ إلى تبايُناتٍ مُعيَّنة في الظروف الجُ غرافية ، والثّقافية ، والهيكلية .؛ وقد تُفهَم هذه الاختلافات ، إضافةً إلى ذلك ، من حيث المُحرَّمات والخُ رافات التي تَكتنِفُ حالات الحَ ملِ هذه وهؤلاء الأطفال . ويجب على المُساعِدين بذل الجهود في سبيل فهم هذه العوامِل وأخذها بعين الاعتبار في عملهم .
وصمة العَار والتّمييز : أمثلة من المَيدان
يبدو أنَّ الأطفال أكثر عُرضةً لخَ طر الرَّفض ، أو الوَصمِة بالعار ، أو القَتل عندما يُمكن التّعرُّف على أصولهم من ملامِحهم . وتشتَمل الأمثلة على " الأطفال الفيتناميين الأمريكين " الذين وُلدوا خلال الحرب الفيتنامية نتيجةَ الاغتصاب ، أو نتيجةَ أشكالٍ أخرى من العَلاقات . كما تشتمِلُ على " أطفال الحروب " الذين وُلِدوا نتيجةَ الاغتصاب الجماعي في دارفور . وحَ يثُما يكون الأصل العِرقي ( الإنتماء العِرقي ) أقلُّ
تسيِيساً أو عُنصريّةً ، أو حيثما لا تَحمِل حالات الاغتصاب بُعداً إثنياً ( عِرقياً (، يكون " أطفال الحروب " قادرين على الاختباء بسهولةٍ أكبر في المُجتمعات . كما تزيد احتمالية قبولهِم اجتماعياً وتنشأتهم من قبل أمّهاتهم )" كاربنتر "، Carpenter 2007 (.
ويُعتَقدُ في العديد من المُجتمعات ، على نِطاقٍ واسع ، أنَّ الأطفال المولودين إثر حملٍ ناجم عن الاغتصاب يَرثون " الخصائص السِّ يئة " لآبائهم ، وذلك بناءً على افتراضاتٍ مَفادها أنَّ الهُوية موروثةٌ عن الذّكر )" مُكمان "، Mochmann 2008 (. ويُطلَق على الأطفال الذي حَ ملَت بهم أمّهاتهم نتيجة الاغتصاب أثناء نزاع البوسنة والهِرسك اسم " أطفال الشيتنيك " أو " البوسنيين الصِّ رب "؛ وهو مثالٌ مُقتَبسٌ من )" روزندال "، Roosendaal 2011 (. ويُوصَ ف الأطفال المولودون نتيجة الاغتصاب ، في أماكن أُخرى ، " بأطفال الشَّ يطان " ( رواندا (، و " أطفال العار " ( تيمور الشَّ رقية (، و " صغار الوَحش " ( نيكاراغوا (، و " الأطفال البُغَضاء " ( جمهورية الكونغو الدّيمقراطية (، و " غبار الحياة " )" doi "، bui فيتنام (. وتكشِ ف هذه الأسماء المُهينة النِّقاب عن التَّصورات السّ ائدة في المُجتمع تجاه هؤلاء الأطفال ، وأنّهم مُرتَبطون في أغلب الأحيان بعدوٍّ ما )" مُكمان "، Mochmann 2008 (.
وفي السّ ودان ، تُلامُ ضحايا الاغتصاب غالباً على ما تعرَّضنَ له من اغتِصاب ؛ وذلك نظراً لأنّه يعتقدُ بشدة ، على نِطاقٍ واسع ، أنَّ النِّساء لا يُمكن أنْ يُصبِحوا حوامِل نتيجةَ مُمارسة الجِ نس غير المرغوب فيه . ويُربَّى الرجال والنِّساء في دارفور على أنَّ الاغتصاب يُمكن تجنُّبه والوقاية منه . وفي مُعظم الحالات ، لا تعود والدة الطفل المولود إثر حملٍ ناجم عن الاغتصاب صالِحةً للزّواج لأنَّ العَرائِس ( العروسات ) يُتوقَّع أنْ يكنَّ عذارى . ويُعتَقد أنَّ ضحايا الاغتصاب ، وأطفالِهنَّ جلبوا العار لأُسرِهم ، مما يَجعل إقصاءَ كلٍّ منهما أمرٌ مُرجَّ ح . وحتَّى في المُجتمعات التي تَقبل هؤلاء الرُّضّ ع ، فقد يُحكَمُ على الطِّ فل مُسبقاً في حال ظهور مُشكلاتٍ سلوكية ، وقد يُهجَ رون .